ولنا: أنهما استويا في سبب الاستحاق فيستويان في حكمه، كالغريمين في التركة والقصاص ملك: الفعل يثبت مع المنافي، فلا يظهر إلا في حق الاستيفاء. أما المحل فخلو عنه فلا يمنع ثبوت الثاني بخلاف الرهن؛ لأن الحق ثابت في المحل وصار كما إذا قطع العبد يمينيهما على التعاقب فتستحق رقبته لهما، وإن حضر واحد منهما فقطع يده فللآخر عليه نصف الدية؛ لأن للحاضر أن يستوفي لثبوت حقه وتردد حق الغائب. وإذا استوفى لم يبق محل الاستيفاء فيتعين حق الآخر في الدية؛ لأنه أوفى به حقا مستحقا.
ــ
[البناية]
ليس بأولى من الآخر في تعيين القصاص له، ولا الدية للآخر ولا يأتي الترجيح إلا بالقرعة م:(ولنا: أنهما استويا في سبب الاستحقاق) ش: وهو قطع معصوم م: (فيستويان في حكمه كالغريمين في التركة) ش: وهو القصاص؛ لأن الاستواء في العلة يوجب الاستواء في الحكم، كالشريكين في التركة، وإن كان دين أحدهما أقدم. وفي بعض النسخ: كالشفيعين في الشفعة، فلا يتقدم أحدهما على الآخر.
م:(والقصاص ملك: الفعل) ش: هذا جواب عن قوله: لأن اليد استحقها الأول، تقريره: أن يقال: إن القصاص ملك الفعل، والإطلاق في الفعل لا يقتضي حقا في المحل، كما في الاصطياد والاحتشاش، فإن الفعل مملوك والمحل خلو عن الملك، ولهذا يجب القصاص على قاتل من وجب عليه القصاص م:(يثبت مع المنافي) ش: يعني أن من عليه القصاص جن م: (فلا يظهر إلا في حق الاستيفاء) ش: لأنه ثابت بطريق الضرورة م: (أما المحل فخلو عنه) ش: أي من ذلك الفعل م: (فلا يمنع ثبوت الثاني) ش: أي حق الثاني، وذلك لأن ملك الفعل لما ثبت ضرورة الاستيفاء لا يتعدى إلى شغل المحل الخالي بحرمته عنه، فإن لم يكن المحل مشغولا لم يمنع عن ثبوت الثاني م:(بخلاف الرهن لأن الحق ثابت في المحل) ش: لكونه مملوكا، فإذا ثبت للأول استحال ثبوته للثاني كما في الاستيفاء الحقيقي.
م:(وصار) ش: أي هذا م: (كما إذا قطع العبد يمينيهما) ش: أي يميني الرجلين م: (على التعاقب فتستحق رقبته لهما) ش: جميعا ولا يكون الأول بها م: (وإن حضر واحد منهما) ش: أي من الرجلين اللذين قطع واحد يمينهما م: (فقطع يده) ش: أي يد القاطع م: (فللآخر) ش: أي الذي لم يحضر م: (عليه) ش: أي على القاطع م: (نصف الدية؛ لأن للحاضر أن يستوفي لثبوت حقه وتردد حق الغائب) ش: أي في العقود في الاستيفاء م: (وإذا استوفى) ش: أي الحاضر م: (لم يبق محل الاستيفاء فيتعين حق الآخر في الدية لأنه أوفى به حقًا مستحقا) ش: يعني إن قضى جميع طرفه حقا مستحقا عليه فيقضي للآخر بالأرش، بخلاف النفس فإن هناك لو استوفى أحدهما القصاص ثم حضر الآخر لا يقضى بشيء لأن حقه في الاستيفاء فات لغيبته، فإنهما إذا اجتمعا واستوفيا صار