الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلى جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين» . قال الترمذيِ: حديث حسن. ورواه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم في " مستدركه "، وأبو بكر بن خزيمة في " صحيحه ".
فإن قلت: في إسناده عبد الرحمن بن الحارث تكلم فيه أحمد وقال: متروك الحديث، ولينه النسائي، وابن معين، وأبو حاتم الرازي.
قلت: هذا الحديث هو العمدة في هذا الباب، ومثل هؤلاء الأئمة صححوه، وعبد الرحمن بن الحارث وثقه ابن سعد وابن حبان. وقال ابن عبد البر في " التمهيد ": وقد تكلم بعض الناس في حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هذا بكلام لا وجه له، ورواته كلهم مشهورون بالعلم، وأخرجه عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الرحمن بن الحارث بإسناده عن العمري عن عمر بن نافع بن حبيب بن مطعم عن أبيه عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نحوه.
وأما حديث جابر فرواه الترمذي والنسائي عنه واللفظ له: «جاء جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين مالت الشمس فقال:" قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشفق جاءه فقال: قم فصل المغرب فقام فصلاها، حين غابت الشمس، ثم مكث حتى إذا غاب الشفق جاءه فقال: قم فصل العشاء فقام فصلاها ثم جاءه حين سطع الفجر بالصبح فقال: قم يا محمد فصل فقام فصلى الصبح، ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل الظهر، ثم جاءه حين كان فيء الرجل مثليه فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم جاءه المغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه فقال: قم يا محمد فصل المغرب، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، فقال: قم يا محمد فصل العشاء، ثم جاءه الصبح حين أسفر جدا فقال: قم يا محمد فصل فصلى الصبح، ثم قال ما بين هذين وقت كله» .
قال الترمذي: قال محمد يعني البخاري: حديث جابر أصح شيء في المواقيت، ورواه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم في " مستدركه "، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه لعله حديث الحسين الأصغر، وهو من جملة رواته، وثقه النسائي وابن حبان. رواه أحمد وإسحاق بن راهويه.
فإن قلت: قال ابن القطان في " كتابه ": هذا الحديث يجب أن يكون مرسلا، لأن جابرا لم يذكر من حدثه بذلك، وجابر لم يشاهد ذلك، صحة الأمر لما علم أنه أنصاري، وإنما صحت