قوله: حين زالت الشمس، ورد أن انحطاطها عن كبد السماء يسير. قوله: قدر الشراك، هو أحد سواري النعل التي تكون على وجهها، وقدره هاهنا ليس على معنى التحديد، ولكن زوال الشمس لا يتبين إلا بأقل ما يرى من الظل، وكان حينئذ يمكن تحديد هذا القدر، والظل يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، وإنما يتبين ذلك في مثل مكة من البلاد التي ينتقل فيها الظل، فإذا كان أطول النهار، واستوت الشمس فوق الكعبة لم ير شيء من جوانبها، وظل كل بلد يكون أقرب إلى خط الاستواء، وعدل النهار يكون الظل فيه أقصر، وكل ما بعد عنها إلى جهة الشمال يكون الظل فيه أطول.
قوله: حين كان ظله مثله، وفي بعض الرواية حين صار كل شيء مثله. قوله: حين غاب الشفق، وهو البياض عند أبي حنيفة على ما يأتي. قوله: حين حرم الطعام والشراب على الصائم، وهو أول طلوع الفجر الثاني الصادق.
قوله: حين كان ظله مثليه، وهو آخر وقت الظهر عند أبي حنيفة على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
قوله: وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، يعني حين غابت الشمس، والإجماع على أن وقت المغرب غروب الشمس.
واختلفوا في آخر وقتها فقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - والأوزاعي والشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: لا وقت للمغرب إلا وقت واحد. وعن الشافعي: ووقت المغرب بقدر وقوع فعلها فيه مع شروطها حتى لو بقي ما يسع فيه ذلك فقد انقضى الوقت. وعند أبي حنيفة وأصحابه: وقت المغرب من غروب الشمس إلى غروب الشفق، وبه قال أحمد والثوري وإسحاق بن راهويه وهو قول الشافعي في القديم، وقال الثوري: هو الصحيح واختاره النووي والخطابي والبيهقي والغزالي. وعن مالك ثلاث روايات أحدها: كقولنا. والثانية: كقول الشافعي في الجديد. والثالثة: تبقى إلى طلوع الفجر، وهو قول عطاء وطاوس.
وقوله: وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل، يجوز أن يكون إلى هاهنا بمعنى في، أي صلى في ثلث الليل ومنه قَوْله تَعَالَى:{لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}[النساء: ٨٧](النساء: الآية ٨٧) أي في يوم القيامة، وهذا وقت الاستحباب، أما وقت الجواز ما لم يطلع الفجر. وقال الشافعي ومالك وأحمد: هو وقت الفجر.
وأما آخره عند أصحابنا ما لم يطلع الفجر. وقال الشافعي: إلى الإنقاء لأصحاب الرفاهية ولمن لا عذر له. وقال: ومن صلى ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس لم يفته الصبح، وهذا في أصحاب الأعذار والضرورات. وقال مالك وأحمد وإسحاق: من صلى ركعة من الصبح