ولأنها إذا نفذت نزلت منزلة جائفتين: إحداهما من جانب البطن، والأخرى من جانب الظهر، وفي كل جائفة ثلث الدية، فلهذا وجب في النافذة ثلثا الدية. وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه جعل المتلاحمة قبل الباضعة، وقال: هي التي يتلاحم فيها الدم ويسود، وما ذكرناه بدءا مروي عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وهذا اختلاف عبارة لا يعود إلى معنى وحكم
ــ
[البناية]
ش: رواه عبد الرزاق في "مصنفه ": أخبرنا ابن جريج عن داود بن أبي عاصم قال: سمعت ابن المسيب قال: قضى أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - في الجائفة تكون نافذة بثلثي الدية. وقال: إنهما جائفتان.
قال سفيان: ولا تكون الجائفة إلا في الجوف.
م:(ولأنها) ش: أي ولأن الجائفة م: (إذا نفذت نزلت منزلة جائفتين إحداهما من جانب البطن والأخرى من جانب الظهر، وفي كل جائفة ثلث الدية، فلهذا وجب في النافذة ثلثا الدية) ش: وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وأكثر أهل العلم، وقال ابن عبد البر: لا أعلمهم يختلفون في ذلك.
وحكي عن بعض أصحاب الشافعي وعن أبي حنيفة في رواية أنه جائفة واحدة. م:(وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه جعل المتلاحمة قبل الباضعة) ش: أي في الذكر م: (وقال) ش: أي محمد م: (هي التي يتلاحم فيها الدم ويسود) ش: وقال تاج الشريعة: وليس معناه أنها قبل الباضعة من حيث إن تحته دونه، بل من حيث إن المتلاحمة عند محمد ما يظهر اللحم ولا تقطعه من قولهم: التحم السنان إذا اتصل أحدهما بالآخر، والباضعة بعدها. وفي ظاهر الرواية: المتلاحمة ما يعمل في قطع أكثر اللحم وهي بقدر الباضعة وهي تقطع بعض اللحم.
م:(وما ذكرناه بدءا) ش: أي أولا، قال الجوهري: البدء والبدء أيضا الأول، ومنه قولهم: أفعله بادي على وزن فاعل، وبادي بديء على وزن فعيل، أي أول شيء. م:(مروي عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: وهو ظاهر الرواية.
م:(وهذا) ش: أي هذا المذكور من رواية أبي يوسف ومحمد م: (اختلاف عبارة لا يعود إلى معنى وحكم) ش: أي الذي روي عن محمد أن المتلاحمة قبل الباضعة، والذي روي عن أبي يوسف الباضعة قبل المتلاحمة، اختلاف في الاسم لا في المعنى والحكم؛ لأن محمدا - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يمنع أن تكون الشجة التي ذهب فيه اللحم أرشها، وكذلك أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يمنع أن تكون الشجة التي قبل الباضعة أقل منها أرشا، وإنما الخلاف في الاسم.
قال محمد: المتلاحمة مأخوذة من الاجتماع، يقال: التحم الحيان إذا اجتمعا، وقال أبو يوسف: إنها مأخوذة من الذهاب في اللحم، كذا ذكره القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " شرحه ".