كمن رمى إلى الرجل عمدا فأصابه ونفذ منه إلى غيره فقتله يجب القود في الأول. وله: أن الجراحة الأولى سارية والجزاء بالمثل، وليس في وسعه الساري فيجب المال، ولأن الفعل واحد حقيقة وهو الحركة القائمة، وكذا المحل متحد من وجه لاتصال أحدهما بالآخر، فأورثت نهايته شبهة الخطأ في البداية، بخلاف النفسين، لأن أحدهما ليس من سراية صاحبه. وبخلاف ما إذا وقع السكين على الأصبع لأنه ليس فعلا مقصودا
ــ
[البناية]
م:(كمن رمى إلى الرجل عمدا فأصابه ونفذ) ش: أي رميه م: (منه إلى غيره فقتله يجب القود في الأول) ش: دون الثاني، وتجب الدية في الثاني، وكذا إذا قطع أصبعا فاضطرب السكين فأصاب أصبعا آخر خطأ منه فإنه يقتص في الأولى بالإجماع دون الثانية.
م:(وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (أن الجراحة الأولى سارية والجزاء بالمثل، وليس في وسعه الساري فيجب المال) ش: لأن الجراحة التي يعمل القصاص قد لا تكون سارية، إذ ليس في وسعه، فعلى ذلك لا يكون مثلا للأولى ولا قصاص بدون المماثلة م:(ولأن الفعل واحد حقيقة وهو الحركة القائمة) ش: أي الثابتة حالة الشج م: (وكذا المحل) ش: أي محل الجنايتين م: (متحد من وجه لاتصال أحدهما بالآخر، فأورثت نهايته شبهة الخطأ في البداية) ش: والشبهة تعمل على الحقيقة فيما يندرئ بالشبهة أن لا يعمل في المال، لأنه يثبت مع الشبهة فكيف يسقط بها فيجب ديتان.
م:(بخلاف النفسين) ش: هذا جواب عن قولهما كمن رمى إلى رجل عمدا فأصابه ونفذت إلى غيره فقتله، ووجه ذلك هو قوله م:(لأن أحدهما ليس من سراية صاحبه) ش: ولا تصور سراية الفعل من شخص إلى شخص ويتصور ذلك في شخص واحد.
م:(وبخلاف ما إذا وقع السكين على الأصبع) ش: هذا جواب عما قال: إذا قطع أصبع رجل عمدا فاضطرب السكين فوقع على أصبع آخر فقطعها يقتص للأولى دون الثانية، فما بال مسألتنا لم تكن كذلك، ووجهه أن القطع الثاني إنما لم يورث الشبهة في القصاص، لأنه فعل مقصود، وأما ذهاب العين بالسراية فليس بفعل مقصود، وهو معنى قوله: م: (لأنه ليس فعلا مقصودا) ش: في مسألتنا، وفيما إذا وقع سكين على الأصبع قد صار فعلا مقصودا.
وقال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الضمير في لأنه عائد إلى ذهاب العين بالسراية، وبهذا التوجيه يندفع ما قال في " النهاية " أن في قوله لأنه ليس فعلا مقصودا نظر، وإن الصواب ما ذكره في " الذخيرة " أنه مقصود، ولكن ليس من أمره، فإنه رجع الضمير إلى الفعل الثاني