وإن مات غما فالحافر ضامن له؛ لأنه لا سبب للغم سوى الوقوع، أما الجوع فلا يختص بالبئر. وقال محمد: هو ضامن في الوجوه كلها؛ لأنه إنما حدث بسبب الوقوع، إذ لولاه لكان الطعام قريبا منه. قال: وإن استأجر أجراء فحفروها له في غير فنائه فذلك على المستأجر ولا شيء على الأجراء إن لم يعلموا أنها في غير فنائه؛ لأن الإجارة صحت ظاهرة إذا لم يعلموا، فنقل فعلهم إليه لأنهم كانوا مغرورين، فصار كما إذا أمر آخر بذبح هذه الشاة فذبحها ثم ظهر أن الشاة لغيره، إلا أن هناك يضمن المأمور ويرجع على الآمر؛ لأن الذابح مباشر، والأمر مسبب، والترجيح للمباشرة فيضمن المأمور ويرجع المغرور، وهنا يجب الضمان على المستأجر ابتداء؛ لأن كل واحد منهما مسبب، والأجير غير متعد والمستأجر متعد فيرجح جانبه. وإن علموا ذلك فالضمان على الأجراء، لأنه لم يصح أمره بما ليس بمملوك له، ولا غرور، فبقي الفعل مضاف إليهم. وإن قال لهم: هذا فنائي وليس لي فيه حق الحفر فحفروه فمات فيه إنسان.
ــ
[البناية]
الضمان على الحافر م:(وإن مات غما فالحافر ضامن له؛ لأنه لا سبب للغم سوى الوقوع، أما الجوع فلا يختص بالبئر. وقال محمد: هو ضامن في الوجوه كلها؛ لأنه إنما حدث بسبب الوقوع، إذ لولاه) ش: أي الوقوع م: (لكان الطعام قريبا منه) ش: وهو قياس قول الأئمة الثلاثة، ولا يتوهم من تقديم قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - على عادة تأخر الراجح، فإن الفقه معه، ألا ترى أنه لو حبس رجلا في بئر حتى مات غما فإنه لا ضمان عليه، بخلاف ما لو مات فيه من الوقوع، لأن أثر فعله وهو العمل أثر في نفس الواقع فلا بد من أثر الوقوع لوجوب الضمان.
م:(قال) ش: أي المصنف وليس لفظة: (قال) في غالب النسخ: م: (وإن استأجر أجراء فحفروها له في غير فنائه فذلك على المستأجر ولا شيء على الأجراء إن لم يعلموا أنها في غير فنائه؛ لأن الإجارة صحت ظاهرة إذا لم يعلموا، فنقل فعلهم إليه) ش: أي فنقل فعل الأجر إلى المستأجر م: (لأنهم كانوا مغرورين، فصار) ش: حكم هذا م: (كما إذا أمر آخر بذبح هذه الشاة فذبحها ثم ظهر أن الشاة لغيره) ش: أي لا يغير الأمر.
م:(إلا أن هناك) ش: أي في الأمر بذبح الشاة م: (يضمن المأمور ويرجع على الآمر، لأن الذابح مباشر، والآمر مسبب، والترجيح للمباشرة فيضمن المأمور، ويرجع المغرور، وهنا يجب الضمان على المستأجر ابتداء) ش: أي من أول الأمر م: (لأن كل واحد منهما مسبب، والأجير غير متعد، والمستأجر متعد فيرجح جانبه) ش: في التعدي. (وعلى) المستأجر فيه الضمان.
م: (وإن علموا بذلك فالضمان على الأجراء؛ لأنه لم يصح أمره بما ليس بمملوك له، ولا غرور، فبقي الفعل مضافا إليهم، وإن قال لهم: هذا فنائي وليس لي فيه حق الحفر فحفروه فمات فيه إنسان