ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن المولى جان بدفع حق وولي الجناية الثانية طوعا وولي الأولى ضامن بقبض حقه ظلما فيتخير، وهذا لأن الثانية مقارنة حكما من وجه، ولهذا يشارك ولي الجناية الأولى ومتأخرة حكما من حيث إنه تعتبر قيمته يوم الجناية الثانية في حقها، فجعلت كالمقارنة في حق التضمين لإبطاله ما تعلق به من حق ولي الثانية عملا بالشبهين، وإذا أعتق المولى المدبر وقد جنى جنايات لم تلزمه إلا قيمة واحدة. لأن الضمان إنما وجب عليه بالمنع، فصار وجود الإعتاق من بعد وعدمه بمنزلة وأم الولد بمنزلة المدبر في جميع ما وصفنا؛ لأن الاستيلاد مانع من الدفع كالتدبير. وإذا أقر المدبر بجناية الخطأ لم يجز إقراره ولا يلزمه به شيء
ــ
[البناية]
سواء كما في الرجوع في الهبة وأخذ الدار بالشفعة بعد وجوبها.
م:(ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن المولى جان بدفع حق ولي الجناية الثانية طوعا وولي الأولى ضامن بقبض حقه ظلما) ش: لأنه انقلب بسبب المزاحم والرجوع على الجاني جائز م: (فيتخير، وهذا) ش: في الرجوع، وبين ذلك قوله م:(لأن الثانية مقارنة) ش: أي للجناية الأولى م: (حكما من وجه) ش: بسبب المراجعة م: (ولهذا يشارك) ش: أي ولأجل مقارنة الثاني للأول يشارك.
م:(ولي الجناية الأولى ومتأخرة حكما من حيث إنه تعتبر قيمته يوم الجناية الثانية في حقها) ش: أي في حق الجناية الثانية م: (فجعلت) ش: أي الثانية م: (كالمقارنة في حق التضمين لإبطاله) ش: أي إبطال الولي م: (ما تعلق به من حق ولي الثانية) ش: وذلك لأنه تجب عليه الضمان باعتبار منع الرقبة بالتدبير السابق، وذلك في حق أولياء الجنايتين سواء، فجعل كأن الدفع كان بعد وجود الجنايتين جميعا، وهناك لو دفع إلى أحدهما جميع القيمة بغير قضاء كان للآخر الخيار فلذلك هنا.
م:(عملا بالشبهين) ش: يعني كما عملنا بشبهة التأخر في ضمان الجناية حتى اعتبرنا قيمته يوم الجناية الثانية في حقها، وجب أن يعمل بشبهة المقارنة في حق تضمين الجناية نصف المدفوع، وقيل: جعلت الثانية كالمقارنة في التضمين إذا دفع بغير قضاء، لأنه يبطل ما تعلق به حق الثاني ولم يجعل كالمقارنة إذا دفع بقضاء، لأنه يجوز بالدفع عملا بشبهي المقارنة والتأخر.
م:(وإذا أعتق المولى المدبر وقد جنى جنايات لم تلزمه إلا قيمة واحدة؛ لأن الضمان إنما وجب عليه بالمنع، فصار وجود الإعتاق من بعد وعدمه بمنزلة) ش: وعند الأئمة الثلاثة الإعتاق في القن وإعتاق أم الولد كإعتاق المدبر عندنا والشافعي في قول. أشار إليه بقوله م:(وأم الولد بمنزلة المدبر في جميع ما وصفنا؛ لأن الاستيلاد مانع من الدفع كالتدبير) ش: لأن المولى منع من تسليمهما بالاستيلاد السابق من غير اختيار م: (وإذا أقر المدبر بجناية الخطأ لم يجز إقراره ولا يلزمه به شيء