قد مضى وتلاشى، ولأن الحقيقة تثبت عند الموت وقبله يثبت مجرد الحق. فلو استند من كل وجه ينقلب حقيقة قبله، والرضا ببطلان الحق لا يكون رضا ببطلان الحقيقة، وكذا إن كانت الوصية للوارث وأجازه البقية فحكمه ما ذكرناه، وكلما جاز بإجازة الوارث يتملكه المجاز له من قبل الموصي عندنا. وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: من قبل الوارث، والصحيح قولنا؛ لأن السبب صدر من الموصي،
ــ
[البناية]
(وهذا قد مضى وتلاشى) ش: فكان لهم أن يردوا بعد الموت ما أجازوه في حال حياة المورث.
م:(ولأن الحقيقة) ش: دليل آخر أن حقيقة الملك للوارث م: (تثبت عند الموت) ش: أي عند موت المورث م: (وقبله) ش: أي وقبل الموت م: (يثبت مجرد الحق) ش: أي مجرد حق الملك م: (فلو استند) ش: ملكه إلى أول المرض م: (من كل وجه ينقلب) ش: أي الحق م: (حقيقة قبله) ش: أي قبل الموت، وذلك باطل لوقوع الحكم قبل السبب وهو مرض الموت.
وإنما قيد بقوله: من كل وجه دفعا لوهم من يقول: حق الوارث يتعلق بمال المورث من أول المرض حتى يمنع ذلك التعلق تصرف المورث في الثلثين بالمرض ببطلان الحق، هذا جواب عما يقال: الإجازة إسقاط من الوارث لحقه برضاه، فصار كسائر الإسقاطات، وفيها لا رجوع، فكذا هذا.
وتقرير الجواب أن يقال أن: م: (الرضا ببطلان الحق) ش: بعد أن عرف أن ثمة حقا وحقيقة م: (لا يكون رضا ببطلان الحقيقة) ش: لأنه رضي ببطلان الحق لا ببطلان الحقيقة، والرضا ببطلانها يستلزم وجودها، ولا وجود لها قبل التثبت وهو مرض الموت.
م:(وكذا إن كانت الوصية للوارث وأجازه البقية فحكمه ما ذكرناه) ش: وهو أن لا يجوز إجازة الوارث قبل موت الموصي وتجوز بعده م: (وكل ما جاز بإجازة الوارث يتملكه المجاز له من قبل الموصي) ش: بكسر القاف وفتح الباء م: (عندنا. وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: من قبل الوارث) ش: ذكر هذا تفريعا على مسألة القدوري، إيضاحه: إذا أوصى بجميع ماله، فأجازت الورثة كان تمليكا من الميت، كذلك الوصية للوارث وعند الشافعي يكون هبة من الوارث إن بقيت وإلا بطلت، وبه قال أحمد في رواية، واختاره المزني، وبه قال بعض أصحابنا: مالك وأصحاب الظاهر، ولكن الصحيح من مذهب الشافعي وأحمد ومالك كقولنا، وهو قول جمهور العلماء.
وفي " مبسوط شيخ الإسلام ": ثمرة الخلاف تظهر في اشتراط القبول والقبض والتسليم من الوارث لملك المجاز له عندهم شرط كالهبة المبتدأة، وعندنا ليس بشرط.
م:(والصحيح قولنا؛ لأن السبب صدر من الموصي) ش: وهو أنه عقد على ملك نفسه مع