. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ينتظرون حتى يفرغ الرجال من الجماعة، وقيل الأفضل لها في الصلوات كلها أن تنتظر فراغ جماعة الرجال، كذا في " القنية "، وعن حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أجوبة:
الأول: أنه لا حجة لهم فيه لأنهم كانوا يصلون صلاة الصبح بمسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يكن له مصابيح يعرف بها الرجل جليسه في نصف الليل، والغلس حينئذ يتم إلى وقت الإسفار في الأبنية.
ويقال هذا بيت غلس في النهار إذا كانت فيه غلسة وظلمة يسيرة، والمرأة إذا تلفعت بمرطها وغطت رأسها لا تعرف فلذلك إذا كان مع قليل ظلمة الليل وهو الغلس المذكور.
الثاني: أن العلة لعدم معرفتهن التستر بالمرط لا الغلس دل عليه ما رواه البخاري من هذا الحديث فيه «يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد» .
الثالث: أن فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد اختلف في النقل في الإسفار كما ذكرنا من الأحاديث للطرفين فرجعت إلى الأمر بالإسفار في الصبح، والأمر يفيد الوجوب فلا يترك للاستحباب.
الرابع: أن حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - كان في الابتداء حين يحضر النساء الجماعة ثم انتسخ ذلك حين أمرن بالقرار في البيوت، وقول إبراهيم النخعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ما اجتمع أصحاب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على شيء مما اجتمعوا على التنوير يدل على النسخ لأن اجتماعهم على خلاف ما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعله لم يكن إلا بعد نسخ ذلك وثبوته بخلافه.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائي والدارقطني - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: ليس بالقوي.
وعن الثاني أن يحيى بن سعيد حدث عن أسامة بن زيد ثم تركه بآخره فلم يبق حجة.
فإن قلت: قال الحازمي في كتاب " الناسخ والمنسوخ ": حديث الغلس ثابت وأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - داوم [عليه] إلى أن فارق الدنيا ولم يكن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يداوم إلا على ما هو الأفضل، ثم روى حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الذي رواه أسامة بن زيد المذكور.
قلت: يرد هذا ما أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن زيد عن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين - قال: «ما رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى صلاة لغير وقتها إلا جمع فإنه يجمع بين المغرب والعشاء بجمع وصلى صلاة الصبح من الغد» . قيل: قالت العلماء ففي وقتها المعتاد كل يوم إلا أنه صلى الصبح قبل الفجر دائما غلس بها جدا ويوضحه رواية البخاري والفجر حتى