للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله: أن الوصية أخت الميراث، وفي الميراث يعتبر الأقرب فالأقرب، والمراد بالجمع المذكور فيه اثنان، فكذا في الوصية والمقصد من هذه الوصية تلافي ما تفرط في إقامة واجب الصلة، وهو يختص بذي الرحم المحرم منه، ولا يدخل فيه قرابة الولاد، فإنهم لا يسمون أقرباء، ومن سمى والده قريبا كان منه عقوقا، وهذا لأن القريب في عرف اللسان من يتقرب إلى غيره بوسيلة غيره، وتقرب الوالد والولد بنفسه لا بغيره، ولا معتبر بظاهر اللفظ بعد انعقاد الإجماع على تركه، فعنده يقيد بما ذكرناه،

ــ

[البناية]

م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة: م: (أن الوصية أخت الميراث، وفي الميراث يعتبر الأقرب فالأقرب) ش: فكذلك في الوصية م: (والمراد بالجمع المذكور فيه) ش: أي في الأقرب م: (اثنان) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: ١١] فإن المراد من الإخوة اثنان م: (فكذا في الوصية) ش: اثنان؛ لأن المثنى كالجمع في باب الميراث، فكذلك في باب الوصية؛ لأن الوصية أخت الميراث م: (والمقصد من هذه الوصية) ش: أي المقصود منها م: (تلافي ما تفرط) ش: أي استدراك ما قصر م: (في إقامة واجب الصلة) ش: لأن صلة ذي الرحم المحرم واجبة دون غيره بالإجماع، ولهذا لا يجوز الرجوع في هبته ويستحق النفقة دون غيره م: (وهو يختص) ش: أي تلافي ما فرط في وجوب الصلة مختص م: (بذي الرحم المحرم منه، ولا يدخل فيه) ش: أي في الإيصاء على ذوي قرابته م: (قرابة الولاد) ش: وهو الوالد والولد م: (فإنهم) ش: أي فإن الآباء والأولاد م: (لا يسمون أقرباء) ش: لأنهم أقرب من القرابة.

وأوضح هذا المعنى بقوله: م: (ومن سمى والده قريبا كان منه عقوقا) ش: من حيث العرف يدل عليه قَوْله تَعَالَى: {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] (البقرة: الآية ٨٠) ، عطف الأقربين على الوالدين، والعطف يقتضي المغايرة، فلا يكون الوالد قريبا، ولا يكون الولد قريبا أيضا؛ لأنه يلزم من قرب أحدهما إلى الآخر قرب الآخر إليه وإلا لا يثبت القرب أصلا.

م: (وهذا لأن القريب في عرف اللسان من يتقرب إلى غيره بوسيلة غيره، وتقرب الوالد والولد بنفسه لا بغيره) ش: إذ لا واسطة بينهما م: (ولا معتبر بظاهر اللفظ) ش: هذا جواب عن قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -: إن القريب مشتق من القرابة، فيكون اسما لمن قامت به.

وتقدير الجواب: أن ظاهر اللفظ لا اعتبار به م: (بعد انعقاد الإجماع على تركه) ش: أي ترك ظاهر اللفظ، يعني أن ظاهر اللفظ وإن اقتضى صحة إطلاق اسم القريب على الوالد والولد، لكن الإجماع انعقد على ترك هذا الظاهر، وبين ذلك بقوله: م: (فعنده) ش: أي فعند أبي حنيفة م: (يقيد بما ذكرناه) ش: من الأقرب فالأقرب، فالقيود الخمسة وهي كونه ذا رحم محرم، واثنين فصاعدا، وذلك ما سوى الوالد والولد من لا يرث، والأقرب فالأقرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>