قال: وإن أوصى بداره كنسية لقوم غير مسمين جازت الوصية عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وقالا: الوصية باطلة؛ لأن هذه معصية حقيقة، وإن كان في معتقدهم قربة والوصية بالمعصية باطلة لما في تنفيذها من تقرير المعصية. ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن هذه قربة في معتقدهم، ونحن أمرنا بأن نتركهم وما يدينون؛ فتجوز بناء على اعتقادهم، ألا يرى أنه لو أوصى بما هو قربة حقيقة معصية في معتقدهم لا تجوز الوصية اعتبارا لاعتقادهم، فكذا عكسه. ثم الفرق لأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - بين بناء البيعة والكنيسة وبين الوصية به: أن البناء نفسه ليس بسبب لزوال ملك الباني، وإنما يزول ملكه بأن يصير محرزا خالصا لله تعالى، كما في مساجد المسلمين، والكنيسة لم تصر محرزة لله تعالى حقيقة. فتبقى ملكا للباني فتورث عنه،
ــ
[البناية]
م:(قال) ش: أي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (وإن أوصى بداره كنيسة لقوم غير مسمين جازت الوصية عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقالا: الوصية باطلة؛ لأن هذه معصية حقيقة، وإن كان في معتقدهم قربة، والوصية بالمعصية باطلة) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة م: (لما في تنفيذها) ش: أي لتنفيذ هذه الوصية م: (من تقرير المعصية) ش: وهو لا يجوز.
م:(ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن هذه قربة في معتقدهم، ونحن أمرنا بأن نتركهم وما يدينون) ش: وفي بعض النسخ: وما يعتقدون م: (فتجوز بناء على اعتقادهم) ش: ثم أوضح ذلك بقوله: م: (ألا يرى أنه لو أوصى بما هو قربة حقيقة معصية في معتقدهم لا تجوز الوصية اعتبارا لاعتقادهم، فكذا عكسه) ش: الأصل في هذا الاعتبار المعتقد، فإنهم لو أوصوا بالحج لم يعتبر، وإن كان عبادة عندنا بلا خلاف. فكذا إذا أوصوا بما هو في اعتقادهم عبادة صح، وإن كان عندنا معصية لأنا أمرنا بتركهم وما يدينون كما في الخمر والخنزير، حيث يجوز بينهم فيما بينهم؛ لأنهم يدينون جواز ذلك وهم يدينون جواز الإيصاء ببناء البيعة والكنيسة فيجوز ذلك فيما على اعتقادهم قالوا: هذا الاختلاف إذا أوصى ببناء بيعة أو كنيسة في القرى، أما في المصر فلا يجوز باتفاق؛ لأنهم لا يمكنون من إحداث ذلك في الإيصاء.
م:(ثم الفرق لأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - بين بناء البيعة والكنيسة وبين الوصية به) ش: أي ببناء ذلك ثم مات يورث، وإذا أوصى ببناء ذلك ثم مات لا تورث: م: (أن البناء نفسه ليس بسبب لزوال ملك الباني وإما يزول ملكه بأن يصير محرز. خالصا لله تعالى كما في مساجد المسلمين والكنيسة لم تصر محرزة لله تعالى حقيقة) ش: ألا ترى أن أساقفتهم ورهبانهم يسكنون فيها في الحجرات ويدفنون فيها موتاهم، والمسمى أيضا إذا لم يكن خالصا لله تعالى يورث، كما إذا جعل داره مسجدا وتحته سرداب وفوقه بيت، وإذا كان الأمر كذلك م:(فتبقى ملكا للباني فتورث عنه) .