والتأخير إلى نصف الليل مباح؛ لأن دليل الكراهة - وهو تقليل الجماعة - عارضه دليل الندب وهو قطع السمر بواحدة، فتثبت الإباحة إلى النصف، وإلى النصف الأخير مكروه؛ لما فيه من تقليل الجماعة،
ــ
[البناية]
جميع التقاسم يظن ظان أن المراد من هذا التعجيل هو التأخير إلى ما قبل ثلث الليل، لأنه تعجيل أيضا بالسنة إلى نصف الليل وإلى نصف الأخير، فلما ذكر هذا القول بعد ذكر ثلث الليل لأنه تعجيل لم يفهم منه إلا التعجيل في أول الوقت، أما التقديم فلا معنى له، لأن المصنف إنما قال بلفظ قيل في المصنف، وإنما يستعمل لفظ قيل إذا سبق قبله قوله آخر، يعني أن تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل مستحب في الصيف والشتاء، وقيل في الصيف يعجل ولا يؤخر انتهى.
قلت: أراد ببعض الشارحين السغناقي فإنه قال: نقل ما نقله عنه لكنه قال في آخر كلامه: لما أن هذه التقاسم في حق الشتاء لا في حق الصيف، وترك بقية كلام السنغاقي وبقي كلامه، وليس كذلك على ما لا يخفى.
م:(لأن دليل الكراهة وهو تقليل الجماعة عارضه دليل الندب وهو قطع السمر بواحدة) ش: بتاء التأنيث أي سمرة واحدها بالخلاف للموصوف، وفسره تاج الشريعة بقوله: أي بالكلية ومعناه بالفارسية - يكبار - وأخذ عنه هذا التفسير الأكمل وصاحب " الدراية ". وفي بعض النسخ بواحد بغير تاء التأنيث. وقال صاحب " الدراية ": أي بواحد من الناس وهذا عبارة عن المبالغة في قطع السمر، لأنه لما انقطع بواحد كان منقطعا باثنين وما فوقه أيضا. وقال الأترازي: بواحد أراد به نفي السمر عن شخص واحد، مبالغة في نفي السمر على وجه العموم، لأن السمر إذا كان منفيا عن واحد كان منفيا عن الجميع لأن النكرة إذا وقعت في موضع النفي عمت.
قلت: هذه التفاسير كلها ليست بظاهرة، أما تفسير " تاج الشريعة " فإنه ليس مما يقتضيه معنى الكلمة إلا إذا قدرنا الموصوف كما ذكرنا. وأما تفسير صاحب " الدراية " لفظ بواحد بغير التاء بقوله بغير واحد من الناس فهو أيضا خلاف الظاهر، وأما تفسير الأترازي فأبعد من الكل لأنه أين النكرة التي وقعت في موضع النفي حتى تعم.
م:(فتثبت الإباحة إلى النصف) ش: هذه نتيجة الكلام الذي قبله، أي إباحة التأخير إلى نصف الليل.
م:(وإلى النصف الأخير مكروه) ش: أي تأخيره إلى النصف الأخير من الليل مكروه.
م:(لما فيه) ش: أي في التأخير إلى نصف الليل الأخير م: (من تقليل الجماعة) ش: وفي