ذلك فيه لأنه يمكن، ثم نزل الأداء في أول الوقت لا إلى القضاء. ومنهم من قال: المؤدي في أول الوقت وقوف على ما يظهر من حاله في آخر الوقت فاعتبروه بتعجيل الزكاة قبل الحول.
وفي " المرغيناني " قال: أكثر أصحابنا الوجوب يتعلق بمقدار التحريمة.
وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - بمقدار ما يؤدي الصلاة وهذا القول مختار القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -، والأول اختيار القاضي أبي زيد الدبوسي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وذكر عن الكرخي ثلاث روايات عن أصحابنا فروى الشيخ أبو بكر الجصاص - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الوقت كله وقت العرض وعليه أداؤه في وقت مطلق من جميع الوقت وهو مخير في الأداء فيتعين الواجب بالأداء ويضيق الوقت، فإن أدى في أول الوقت يكون واجبا، وإن أخر لا يأثم وهو الرواية على المعتمد عليها.
ويروى أيضا أن الأداء في أوله موقوف إن بقي إلى آخر الوقت بصفة التكليف يقع واجبا فإن فات شيء من شرائط التكليف يكون نفلا، وفي رواية أخرى عنه يقع نفلا في أول الوقت فإذا بقي إلى آخر الوقت وصفة المكلفين يكون ذلك سقطا للغير من قال، وهذا الرواية مهجورة.
وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لما يفرد الوجوب في أول الوقت لزمه الأداء على وجه لا تتغير بتغير حال فيعد ذلك تعارض الحيض والقرء. وقال النووي - رَحِمَهُ اللَّهُ - تجب الصلاة بأول الوقت وجوبا موسعا ويستقر الوجوب بإمكانه فعلها قاله. وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية كمذهبنا وهي غريبة.
قلت: إن أراد به تعلق الوجوب بأول الوقت وجوبا موسعا فهو المذهب الصحيح عندنا وليست هذه الرواية بغريبة، وإن أراد استقرار الوجوب بإمكان فعلها فليس هذا رواية عن أصحابنا لا غريبة ولا مشهورة.
وقال ابن بطال: حكى ابن القضاء عن الكرخي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الصلاة في أول الوقت تقع نفلا، قال: والفقهاء بأسرهم على خلاف قوله.
قلت: هذا قول ضعيف نقل عن بعض الأصحاب كما ذكرنا وليس منقولا عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
ثم اعلم أيضا أن الواجب الموسع الذي هو الفاضل عن الواجب لا يتعين بعض أجزائه بتعين العذر، رضا بأن يقول عينت هذا للسببية ولا قصدا بأن ينوي ذلك، وذلك لأن تعيين الأسباب والشرائط من وضع الشارع، وليس للعبد ذلك، وإنما للعبد اختيار فعل فيه رفيق وليس ذلك بتعيين جزء لأنه ربما لا يتيسر فيه الأداء بل له الاختيار في تعينه فعلا بأن يؤدي الصلاة في أي جزء يريد فيتعين بذلك الفعل ذلك الجزء وقتا لفعله كما في خصال الكفارة فإن الواجب أحد الأمور من الإعتاق والكسوة والإطعام لا يتعين شيء منها بتعيين المكلف قصدا ولا قضاء بل يختار أيها شاء.