. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
فإن قلت: أخرج البخاري ومسلم عن الأسود عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قالت: «لم يكن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعهما سرا ولا علانية ركعتان قبل صلاة الصبح وركعتان بعد العصر» .
وفي لفظ لهما: «ما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما يأتي في يوم بعد العصر إلا [صلى] ركعتين» . وروى أبو داود من حديث قيس بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وقال: «رأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الصبح ركعتان فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتهما الآن، فسكت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» هكذا رواه أبو داود وقال قيس بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في رواية قيس بن قهر بالقاف.
قلت: استوت القاعدة أن المبيح والحاظر إذا تعارضا جعل الحاظر متأخرا، وقد ورد نهي كثير في الأحاديث التي ذكرناها آنفا بالعمل عليها.
وأما حديث الأسود عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فإن صلاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه مخصوصة به والدليل عليه ما ذكرنا أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان يضرب على الركعتين بعد العصر بمحضر من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - من غير نكير.
وذكر الماوردي من الشافعية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وغيره أيضا أن ذلك من خصوصيته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقال الخطابي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أيضا: كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مخصوصا بهذا دون الخلق. قال ابن عقيل: لا وجه له إلا هذا الوجه.
وقال الطبري: فعل ذلك تنبيها لأمته أن نهيه كان على وجه الكراهة لا التحريم. وقال الطحاوي: الذي يدل على الخصوصية أن أم سلمة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - هي التي روت صلاته إياها قيل لها أفنقضيهما إذا فاتتا بعد العصر. قالت: لا. وأما حديث قيس بن عمر قال [في] " الإمام ": إسناده غير متصل ومحمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج [به] .
ثم نفسر بعض ألفاظ الأحاديث المذكورة.
قوله - «تطلع بين قرني شيطان» - اختلفوا فيه على وجوه فقيل: معناه مقارنة الشيطان عند رؤيتها للطلوع والغروب. وقيل: قرنه قوته من قولك أنا مقرن لهذا الأمر أي بطوله يرى عليه، وذلك لأن الشيطان إنما يتولى أمره في هذه الأوقات لأنه يسول لعبدة الشمس أن يسجدوا لها في هذه الأوقات.
وقيل: قرنه حزبه وأصحابه الذين يعبدون الشمس يقال هؤلاء قوم قرن، أي قوم بعد قرن