قوله: مثل ما أري بضم الهمزة وكسر الراء - مثل ما رأى عب الله بن زيد وفي رواية:" مثل ما أرى " على صيغة المتكلم.
فإن قلت: ما الفاء في قوله: فلله الحمد؟ قلت: يجوز أن تكون عاطفة على محذوف تقديره لله الشكر فلله الحمد، ويجوز أن يكون زائدة قد زيدت فيه للتخيير والكلام.
١ -
فإن قلت: لِمَ لَمْ يأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الله بن زيد أن يؤذن هو بنفسه؟
قلت: قال أبو بشر الواحدي أحد رواة الحديث حدثني أبو عمران الأنصاري ويزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضا لجعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مؤذنا، ومنهم من قال إن الأذان كان وحيا لا مناما، واستدلوا في ذلك بما رواه البزار في " مسنده " حدثنا محمد بن عثمان بن مخلد الواسطي ثنا داود بن المنذر عن محمد بن علي بن الحسن عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «لما أراد الله تعالى أن يعلم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأذان أتاه جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بدابة يقال لها البراق، فذهب يركبها فاستصعبت، فقال لها: اسكني فو الله ما ركبك عبد أكرم على الله من محمد.
قال: فركبها حتى انتهى إلى الحجاب الذي يلي الرحمن تبارك وتعالى، فبينما هو كذلك إذا خرج ملك من الحجاب فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " يا جبريل من هذا؟ " قال: والذي بعثك بالحق إني لأقرب الخلق مكانا، وإن هذا الملك ما رأيته منذ خلقت قبل ساعتي هذه فقال الملك: الله أكبر الله أكبر، قال فقيل له من وراء الحجاب صدق عبدي، أنا أكبر أنا أكبر ثم قال الملك: أشهد أن لا إله إلا الله. قال: فقيل له من وراء الحجاب صدق عبدي، أن لا إله إلا أنا، قال الملك: أشهد أن محمدا رسول الله فقيل له من وراء حجاب: صدق عبدي أنا أرسلت محمدا ثم قال الملك: حي على الصلاة حي على الفلاح، ثم قال الملك: الله أكبر الله أكبر، فقيل له من وراء الحجاب صدق عبدي، أن لا إله إلا أنا، قال: ثم أخذ الملك بيد محمد - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فقدمه، فأم أهل السماء فمنهم آدم ونوح - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -» .
وقال البزار: هذا حديث لم نعلمه يروى بهذا اللفظ عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلا بهذا الإسناد، ورواه الأصبهاني في كتاب " الترغيب والترهيب ": وقال حديث غريب لا أعرفه إلا من هذا الوجه.