ش: أي ثم فعل الملك النازل من السماء في الإقامة مثنى مثنى حجة على الشافعي في قوله أن الإقامة فرادى فرادى بضم الفاء جمع فرد على غير القياس كأنه جمع فردان والفرد الوتر.
قوله: إلا قد قامت الصلاة يعني هي مرتان وبه قال أحمد. وقال الشافعي في القديم ثم لفظ الإقامة أيضا مرة، وبه قال مالك لما روي عن أبي محذورة أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال:«الأذان مثنى مثنى والإقامة فرادى فرادى»«وعن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: كان الأذان في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرتين مرتين والإقامة فرادى فرادى» . ولما روي «أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أمر بلالا أن يشفع فيه ويوتر في الإقامة» . ولأن المقصود بالأذان الإعلام ومع تكراره أبلغ والمقصود من الإقامة إقامة الصلاة بالإفراد أعجل لإقامتها.
ولنا ما ذكرنا من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري ومشاهير أحاديث كبار الصحابة وما رواه محمول على الجمع بين الكلمتين في الإقامة والتفريق بينهما في الأول، وعلى إتيان قوله بحيث لا ينقطع الصوت لما روي أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مر بمؤذن أوتر الإقامة فقال له اشفعها لا أبا لك كذا في " المحيط "، وما ذكروا من قولهم وبالإفراد إذا عجل يعني أسر إلى الشروع [......] بقد قامت وروي عن النخعي أنه قال: أول من أفرد معاوية وقال مجاهد: كانت الإقامة في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثنى مثنى حتى استحقه بعض أمراء الجواز لحاجة.
فإن قلت: أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال «أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة» وأخرج أبو داود والنسائي وابن حبان عن ابن عمر قال: كان الأذان الحديث ذكرناه الآن وحديث أبي محذورة الذي احتج به الشافعي المذكور آنفا أخرجه الدارقطني في " سننه " وأخرج ابن ماجه عن معمر - بتشديد الميم - ابن محمد بن عبد الله بن أبي رافع حدثني أبي محمد عن أبيه عبد الله قال:«رأيت بلالا يؤذن بين يدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثنى مثنى ويقيم» . وأخرج الدارقطني عن سلمة بن الأكوع قال:«كان الأذان على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثنى مثنى والإقامة فرادى» .
وأخرج البيهقي عن محمد بن إسحاق عن عون عن ابن أبي حنيفة عن أبيه قال «كان الأذان على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثنى مثنى والإقامة مرة واحدة» .
قلت: قد قلنا أحاديث مشاهير الصحابة مثل ما ذهبنا إليه، فهذا الترمذي روى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال:«كان أذان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شفعا شفعا في الأذان والإقامة» وروى أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمه الأذان» . وقال النسائي فيه:«ثم عدها أبو محذورة تسع عشرة كلمة» . وقال الترمذي: حديث حسن صحيح ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " ولفظه: «فعلمه الأذان والإقامة