قال تاج الشريعة قريبا منه، ثم قال: وإنما كان كذلك لأنه ليس من السنن المشهورة في الأذان وهو غير مذكور في حديث الرؤيا وهو السبب الظاهر فشرع الأذان والكل أخذوه من كلام السغناقي وإسناد الحسن إلى الأذان مذكور في " الفوائد الظهيرية " قال الشيخ نظير هذا ما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمار «إن عادوا فعد» أي عادوا إلى الإكراه فعد إلى تخليص نفسك لا لسب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعني به يظهر من حيث إن العدول بالضمير عن الظاهر إلى مدلول الظاهر.
وقال الأترازي: ويجوز أن يقال إن الأفضل جعل الإصبعين في الأذنين وذاك يقتضي الفاضل والفاضل حسن، فإذا كان فعله أفضل يكون تركه فاضلا حسنا.
قلت: الكل أخرجوه من الدائرة، لأن التركيب وإن كان غريبا فلا يقتضي معناه هذا لتأويلات بيانه أن قوم لم يفعل فيه ضمير مرفوع يرجع إلى المؤذن ومفعوله محذوف. والتقدير: وإن لم يفعل المؤذن جعل أصبعيه في أذنيه.
وقوله: فحسن جواب الشرط تقديره فهو حسن والمعنى عدم فعله حسن لأن الجزاء يترتب على الشرط، والشرط هنا عدم الفعل. فكيف يكون ذا حسن؟ فيكون نظير ما ذكروا إن لم يفعل خيرا فالماء موجود وهذا في غاية الهجانة.
وقوله من قال لم يكن من السنن الأصلية إلى آخره غير موجه لأن مراد هذا القائل أن السنة على نوعين: سنن أصلية، وسنن فرعية. وهذا لم يقل به أحد بل كما أمر به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ فعله سنة أصلية وكيف لا يكون من السنن الأصلية؟ وقد روى جماعة من أهل الحديث أخبارا كثيرة وفيها أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك. وقد ذكرنا نبذة من ذلك.
وقال السروجي: أي الأذان بدونه حسن أيضا غير موجه لأنه كيف يكون بدونه حسنا، وقد أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يقل بذلك أحد. وكذلك قول تاج الشريعة: لأنه ليس من السنن المشهورة في الأذان غير سديد، لأنه كيف لا يكون من السنن المشهورة وقد رواه جماعة من الصحابة. وقول السغناقي وأشار الحسن الأذان مذكور في كلام " الفوائد الظهيرية " كلام لا طائل تحته؛ لأن نسبة الحسن إلى الأذان غير مستبعد ولا مستغرب حين ثبت ذلك في " الفوائد الظهيرية ".
ثم قوله: وقال الشيخ إلى آخره كلام واه ولا يخفى ذلك على من له أدن ذوق من أحوال التركيب، وكيف يكون نظير هذا ما قاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن عادوا فعد» ، لأن معناه إن عاد الكفار أي أكثر أهل ما يتكلم بكلمة الكفر فعد إليها، وأنت مطمئن بالإيمان. وتفسره بقوله إن عادوا إلى الإكراه فعد إلى تخليص نفسك تأويل بعيد. ولئن سلمنا أن تقدير الخبر مثل ما قال، ولكنه لا يقدر على تخليص نفسه بالإتيان ما هو أكرهوه به من أي مكان.