لتوارث أهل الحرمين، والحجة على الكل قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لبلال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا» ومد يده عرضا
ــ
[البناية]
قلت: ما أعلم أي الأذانين تقدم عندهم أذان المغرب أم أذان الصبح؟ إذا كان جميع الليل محلا لأذان الصبح فحينئذ لا يعرف أحدهما من الآخر. قال النووي: وهذا القول ضعيف الرواية بل هو غلط. وقال إمام الحرمين: لولا حكاية أبي علي له، وأنه لا ينقل إلا ما صح عنده لما استحب نقله، وكيف يحسن الدعاء لصلاة الصبح في وقت الدعاء إلى المغرب؟
م:(لتوارث أهل الحرمين) ش: أي أهل مكة والمدينة ولقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فيما روى ابن عمر «أن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» رواه الشعبي عن مالك، ورواه جماعة غيره مرسلا. قال صاحب الإمام: هو الصحيح.
م:(والحجة على الكل) ش: أراد بالكل أبا يوسف والشافعي ومن تابعهما. وقال الأترازي: الحجة على أبي يوسف والشافعي وأهل الحرمين.
م: (قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لبلال:«لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا ومد يده عرضا» ش: أخرج هذا الحديث أبو داود عن شداد عن بلال اه. وسكت عنه، وقال ابن القطان: وشداد مجهول لا يعرف بغير رواية جعفر بن برقان وأعله البيهقي بالانقطاع. ومعنى قول أبي داود شداد لم يدرك بلالا. قوله: - حتى يتبين لك الفجر - أي حتى يظهر. وروى أبو داود عن حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر «أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يرجع فينادي ألا أن العبد نام ثلاث مرات فرجع فنادى ألا إن العبد نام» .
فإن قلت: أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال «إن بلالا يؤذن بليل» الحديث وقد مضى الآن. وفي " الصحيحين " أيضا عن ابن عمر وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال:«كان لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مؤذنان بلال وابن أم مكتوم فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» واسمه عمرو بن قيس وقيل عبد الله بن زائدة القرشي العامري ابن خال خديجة أم المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - استخلفه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاث عشرة مرة في غزواته وشهد القادسية واستشهد بها في خلافة عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
قلت: قال الطحاوي: وكان ذلك من بلال خطأ على ظن طلوع الفجر، والدليل عليه حديث «لا يغرنكم أذان بلال فإن في بصره سواد» استدل عليه بحديث أخرجه وهو من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبلال:" إنك تؤذن إذا كان الفجر سادلها وليس ذلك الصبح إنما الصبح هكذا معترضا ".
قال الطحاوي: فأخبر - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أنه كان يؤذن بطلوع ما يرى أنه الفجر، وليس في الحقيقة بفجر، وروى الطحاوي أيضا من حديث حفصة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «كان