النسائي وفي رواية ابن ماجه «فإن أحدكم لا يدري فيم باتت يده» وكذا في رواية الطحاوي وفي جميع الروايات عدم التعرض إلى العدد إلا في رواية البخاري «فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في وضوئه» .
وفي رواية مسلم:«فلا يغمسن يده في الإناء» وفي رواية النسائي: «فلا يغمسن يده في وضوئه.» وفي رواية أبي داود مثل رواية مسلم، وفي رواية الترمذي " حتى يفرغ عليها " من أفرغت الإناء إفراغا إذا قلبت ما فيه، وكذا أفرغته تفريغا، والمعنى حتى يصب على يديه مرتين أو ثلاثا، وفي " سنن البيهقي الكبير "" حتى يصب عليها صبة أو صبتين "، وفي جامع عبد الله بن وهب المصري صاحب مالك:«حتى يغسل يده أو يفرغ فيها فإنه لا يدري حيث باتت يده» وفي " علل ابن أبي حاتم الرازي ": " فليغرف على يديه ثلاث غرفات "، وفي لفظ:" فليغرف بيمينه من إنائه "، وعند ابن عدي من رواية الحسن عن أبي هريرة مرفوعا:«فإن غمس يده في الإناء قبل أن يغسلها فليرق ذلك الماء.»
قلت: أنكر ابن عدي على معلى بن الفضل الذي روى هذا الحديث عن الربيع بن صبيح عن الحسن عن أبي هريرة زيادة: " فليرق ذلك الماء ". والحديث منقطع عند الأكثرين بعدم صحة الحسن عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثم الكلام فيه على أنواع:
الأول: استدل به أصحابنا على الغسل لليدين قبل الشروع في الوضوء سنة. بيان ذلك أن أول الحديث يقتضي وجوب الغسل للنهي عن إدخال اليد في الإناء قبل الغسل وآخره يقتضي استحباب الغسل للتعليل بقوله:«فإنه لا يدري أين باتت يده» يعني في مكان طاهر من بدنه أو نجس، فلما انتفى الوجوب لما في التعليل المنصوص تثبت فثبتت السنة؛ لأنها دون الوجوب.
فإن قلت: كان ينبغي أن لا يبين في التعليل هذه السنة؛ لأنهم كانوا يتوضئون من الأتوار فلذلك أمرهم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بغسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، وأما في هذا الزمان فقد تغير ذلك.
قلت: السنة لما وقعت سنة في الابتداء بقيت ودامت وإن لم يبق ذلك المعنى؛ لأن الأحكام إنما يحتاج إلى أسبابها حقيقة في ابتداء وجودها لا في بقائها؛ لأن الأسباب تبقى حكما، وإن لم يبق ذلك المعنى للشارع ولاية الإيجاد والإعلام فجعلت الأسباب الشرعية بمنزلة الجواهر في بقائها