للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن العمل بالدليل الظاهر واجب عند انعدام دليل فوقه،

ــ

[البناية]

الله تعالى {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥] » (البقرة: الآية ١١٥) . قال ابن القطان: فيه انقطاع ومجهول الحال.

والطريق الثالث: عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عطاء عن جابر نحوه. فإن قلت: في حديث جابر اختلاف؛ لأن في أحد الطريقين: كنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سرية، وفي الآخر: بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سرية كنت فيها.

قلت: التوفيق بينهما أن السرية كانت جريدة جردها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من العسكر فمر فيها جابر واعتراهم ما ذكر، ولما قفلوا منها إلى عسكر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سألوه، أو تكون الجريدة لم تجتمع مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا في المدينة، حتى يكون قوله: كنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقوله: بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سرية، صادقين.

م: (ولأن العمل بالدليل الظاهر واجب) ش: هو الدليل الراجح وهو غلبة الظن م: (عند انعدام دليل فوقه) ش: أي فوق الدليل الظاهر. اعلم أن المجتهد في القبلة هو العالم بأدلتها وإن كان عاميا. قال تاج الشريعة: ومن الأدلة المحاريب القديمة المنصوبة في كل موضع؛ لأن نصبها كان باتفاق من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - والتابعين - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فإن الصحابة فتحوا العراق وجعلوا القبلة لأهلها بين المشرق والمغرب، ثم فتحوا خراسان وجعلوا قبلة أهلها بين مسوى الصيف والشتاء، ومنهم من توفي فجعل قبره إليها من غير إنكار من أحدهم، وكفى باجتماعهم حجة، فيلزمنا اتباعهم في ذلك.

ومن الأدلة السؤال في كل موضع عن أهله عنها لأنهم أعرف بقبلتهم عادة من غيرهم، قال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] (النحل: الآية ٤٣) . ومن الأدلة عند فقد هذه النجوم على ما حكي عن عبد الله بن المبارك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: أهل الكوفة يجعلون الجدي خلف القضاء استقبال القبلة، وهو نجم إلى جنب القطب يعرف القبلة. قال: ونحن نجعل الجدي خلف الأذن اليمنى. وكان الشيخ أبو منصور الماتريدي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول: انظر إلى مغرب الشمس في أطول أيام السنة وإلى مغربها في أقصر أيام السنة، ثم دع الثلثين عن يمينك والثلث عن يسارك، فتكون مستقبل القبلة، فذلك الوضع، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>