للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وهو لا يجوز. وههنا جواب آخر، وهو أن خبر الواحد إن كان متعلقا بالقبول جاز إثبات الركنية به، فبالطريق الأولى أن يثبت به الفرضية لأن درجات الركنية أعلى، وقد بينا ركنية الوقوف بعرفات لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الحج عرفة» ، والوقوف معظم أركان الحج لا محالة، والقعدة الأخيرة فرض والمصنف صرح به حيث ذكرها في الفرائض، فجاز أن تثبت بخبر تُلقي بالقبول.

وذكر في " الإيضاح ": أما القعدة الأخيرة فمن جملة الفروض وليست من الأركان، لأن ركن الشيء ما يفسر به ذلك الشيء، وتفسير الصلاة لا يقع بالقعدة وإنما يقع بالقيام والقراءة والركوع والسجود، ووجه القعدة من جملة الأركان لتوقف الحنث عليها، وإنما تقدمت الركنية في القعدة لأنها اعتبرت بغيرها لا بعينها لأن الصلاة التعظيم وهو بالقيام، ويزداد بالركوع ويتناهى بالسجود والقعدة للخروج، فافهم.

فإن قلت: هذا الكلام، أعني قوله: إذا قلت هذا إلخ. مدرج وليس من كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال البيهقي: بين ذلك شبابة بن سوار في رواية عن زهير بن معاوية، وفصل كلام ابن مسعود من كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو أصح من قول من جعله من كلام النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ورواه ابن ثوبان عن الحسن بن الحر أنه من كلام ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقال ابن حبان بعد أن أخرج هذا الحديث في " صحيحه ": وقد أوهم هذا الحديث من لم يحكم الصناعة أن الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليست بفرض، فإنه قوله.

إذا قلت: هذه زيادة أخرجها زهير بن معاوية في الخبر عن الحسن بن الحر قال: ذكر بيان أن هذه الزيادة من قول ابن مسعود لا من قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وأن زهيرا أدرجه في الحديث، ثم أخرجه عن الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة به سندا ومتنا، وفي آخره قال ابن مسعود: فإذا فرغت من صلاتك فإن شئت فاثبت وإن شئت فانصرف.

ثم أخرجه عن حسين بن على الجعفي عن الحسن بن الحر، وفي آخره قال الحسن: وزاد محمد بن أبان بهذا الإسناد قال: فإذا قلت هذا فإن شئت فقم، قال: محمد بن أبان ضعيف. وقال الدارقطني في " سننه ": هذان أخرجا هذا الحديث هكذا، أدرجه بعضهم في الحديث عن زهير ووصله بكلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفصله شبابة بن سوار عن زهير بجعله من كلام ابن مسعود وهو أشبه بالصواب.

قلت: الجواب عن جميع ما ذكروه من وجوه:

الأول: أن أبا داود روى هذا الحديث وسكت عنه، ولو كان فيه ما ذكره لبينه، لأن عادته في كتابه أن يلوح على مثل هذه الأشياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>