والأصح أنه يرفع أولا ثم يكبر، لأن فعله نفي الكبرياء عن غير الله تعالى، والنفي مقدم على الإثبات. ويرفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه شحمتي أذنيه، وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يرفع إلى منكبيه،
ــ
[البناية]
عنه، وبه قال أحمد، وهو المشهور عن مذهب مالك.
م:(والأصح أنه يرفع أولا ثم يكبر) ش: أي الأصح في المذهب أن المصلي يرفع يديه أولا ثم يكبر، قال في " المبسوط ": وعليه أكثر مشايخنا. وللشافعي فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه يبتدئ بالتكبير هذا الدال، الثاني: أن يرفع التكبير، والثالث: يكبر ويداه قارنتان حذو منكبيه.
م:(لأن فعله نفي الكبرياء عن غير الله تعالى) ش: لأن في تقلب الرفع نفي الكبرياء عما سوى الله تعالى، وبالتكبير يثبت لله تعالى. م:(والنفي مقدم على الإثبات) ش: كما في كلمة التوحيد، ولقائل أن يقول: ثبت التقدم في كلمة التوحيد ضرورة، لأنه لا يمكن التكلم بالنفي والإثبات معا بخلاف ما نحن فيه، فإن النفي بالفعل والإثبات بالقول يمكن القران، ثم الحكم في رفع اليدين الإشارة إلى نقل ما سوى الله وراء ظهره، كأنه يشير بيده اليمنى إلى الآخرة، وباليسرى إلى الدنيا، قائلا بلسان حاله: نبذت ما سوى الله، الدنيا والآخرة، وراء ظهري، وأعرضت عنهما، وأقبلت إلى عبادة الله عز وجل، والله أكبر، أبي وهو أعظم من أن يؤدى حقه بهذا المقدار.
وقال محمد بن أبي جمرة المالكي: حكم رفع اليدين أن يراه الأصم فيعلم دخوله في الصلاة، وقال ابن بطال: رفعهما تعبد، وقيل: إشارة إلى التوحيد، وقيل: هو انقياد في خبر مطلوب، يكبر بعد استقرار اليدين ويكبر للافتتاح مرة واحدة. وقالت الرافضة: يكبر ثلاث مرات، وهو باطل، وقال الوبري: يأتي بالتكبير بنية تعظيم الله تعالى، قيل: يحصل بنية التعظيم باختصاص ذكر الله تعالى عند الافتتاح، ويكون ذلك بنية لوجود نية التعظيم.
م:(ويرفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه شحمتي أذنيه) ش: شحمة الأذن معلق القرط، وفي " المحيط ": ويرفع يديه حذاء أذنيه حتى يحاذي بإبهاميه شحمة أذنيه، ويروى: أصابعه فروع أذنيه.
م:(وعند الشافعي يرفع إلى منكبيه) ش: وعنه يحاذي أطراف أصابعه أذنيه وكفيه ومنكبيه، وإبهاماه شحمة أذنيه، وقال أبو محمد من المالكية: يرفعهما إلى المنكبين. واختار المتأخرون منهم: أن يحاذي بكوعه صدره، وبطرف كفه المنكب وأطراف أصابعه أذنيه، وهذا إنما يتهيأ إذا كانت يداه قائمتين ورؤوس أصابعهما مما يلي السماء، وهي صفة التائب، وقال سحنون: يكونان مبسوطين، بطونهما مما يلي الأرض وظهورهما مما يلي السماء، وهي صفة الخائف، وعند أحمد: يخير بين الرفع إلى الأذنين والمنكب لصحة الحديث فيهما، وعنده يضم الأصابع بعضها إلى بعض مع المد. وعند الشافعي ينشرها، وعن طاوس: أنه يرفع حتى يحاذيهما رأسه،