للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لا يجوز إلا بالأول، لأنه هو المنقول، والأصل فيه التوقيف. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إدخال الألف واللام فيه أبلغ في الثناء، فقام مقامه. وأبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول: إن أفعل وفعيلا في صفات الله تعالى سواء، بخلاف ما إذا كان لا يحسن أن يقول: الله أكبر؛ لأنه لا يقدر إلا على المعنى، ولهم أن التكبير هو التعظيم لغة

ــ

[البناية]

الملك القدوس الأكبر، لا يجوز بلا خلاف عندهم، وحكى الرافعي وغيره وجها أنه يتعذر بقوله: الرحمن أكبر أو الرحيم أكبر، ولو قال: الأكبر الله، منكوسا بغير ترتيب، جاز عندهم، وعند أحمد لا يجوز، وذكر في " وسيط الشافعية " أنه لا يجوز كما قال أحمد.

م: (وقال الإمام مالك: لا يجوز إلا بالأول) ش: وهو قوله: الله أكبر، وبه قال أحمد وداود م: (لأنه) ش: أي لأن لفظ الله أكبر م: (هو المنقول) ش: أي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والصحابة والتابعين م: (والأصل فيه التوقيف) ش: أي الأصل في المنقول التوقيف على الفعل، ولم ينقل غير لفظ الله أكبر.

فإن قلت: أخرج الطبراني ما يؤيد ما ذهب إليه مالك من حديث رفاعة بن رافع " أن رجلا دخل المسجد فصلى "، الحديث. وفيه: قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء مواضعه، ثم يستقبل القبلة ثم يقول: الله أكبر» ، قلت: قد ثبتها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة ونفى قبولها، وتجوز أن تكون الصلاة جائزة ولا تكون مقبولة إذ لا يلزم من الجواز القبول، وعندهم لا تكون صلاة، ولا حجة في هذا.

م: وقال الشافعي: إدخال الألف واللام فيه) ش: يعني في لفظ أكبر الذي هو الخبر م: (أبلغ في الثناء) ش: لأنه يفيد الحصر م: (فقام مقامه) ش: أي فقام المعرف مقام المنكر م: (وأبو يوسف يقول: إن أفعل) ش: أي صيغة أفعل التي للتفضيل م: (وفعيلا) ش: أي وإن صيغة فعيلا. م: (في صفات الله سواء) ش: لأنه لا يراد بالأفعل إثبات الزيادة بعد الاشتراك في أصل المعنى، كما يراد ذلك في قولك: زيد أفضل من عمرو، ولما كان حكمه الأفعل في صفاته كذلك وهو جائز، جاز الفعيل أيضا ش: (بخلاف ما إذا كان لا يحسن أن يقول: الله أكبر؛ لأنه لا يقدر إلا على المعنى) ش: يعني الله أكبر.

م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد. م: (أن التكبير هو التعظيم لغة) ش: أي من حيث اللغة، كما في قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} [يوسف: ٣١] (يوسف: الآية ٣١) أي عظمنه {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: ٣] (المدثر: الآية ٣) أي فعظم، فكل لفظ دل على التعظيم وجب أن يجوز الشروع به، ولأن التكبير ما وجب بعينه حتى يقتصر على لغة أكبر، بل الواجب تعظيم الله تعالى بجميع البدن واللسان، فصرفناه إلى جميع الألفاظ الدالة على الثناء والتعظيم لله تعالى، والأصل في خطاب الشرع أن يكون مفهوما معلوما مقبولا، والبقية على خلاف الأصل على ما عرف في الأصول، وقال تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>