لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا وضوء لمن لم يسم الله»
ــ
[البناية]
قلت: لما ثبت أنها سنة الوضوء دل على أن محلها ابتداء الوضوء ليشمل الجميع كما ذكر، ولقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر» .
فإن قلت: دل حديث مهاجر بن قنفذ أنه سلم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يتوضأ فلم يرد عليه، فلما فرغ منه قال:«إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله على غير طهارة.» إنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - توضأ قبل التسمية.
قلت: التسمية من لوازم كمال الوضوء فكان ذكرها من تمامه والذاكر لها قبل وضوئه مضطرا إلى ذكرها لإقامة هذه السنة المكملة للفرض فخصت من عموم الذكر، ومطلق الذكر ليس من ضرورات الوضوء، وقد حكي التخصيص في الأذكار المقولة على أعضاء الوضوء؛ لأنها من مكملاته. أقول يعارض هذا ما ثبت عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كان يذكر الله في كل حين، ولا يجوز نسبة ترك الأفضل إليه - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، والعجب من الأكمل أنه أجاب عن التعارض بين حديث التسمية وحديث:«لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» وبما نسب إلى مالك في إنكاره التسمية في أول الوضوء ثم قال: وذلك كما ترى يدل على أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - توضأ قبل أن يذكر الله، وسكت على هذا ومضى.
م: (لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا وضوء لمن لم يسم الله» ش: هذا الحديث بهذا اللفظ لم يخرجه أحد، وإنما أخرجه أبو داود وغيره:«لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.» وذكر صاحب الكتاب هذا