للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الكلام في القراءة فوجه قولهما أن القرآن اسم لمنظوم عربي كما نطق به النص، إلا أن عند العجز عن القراءة بالعربية يكتفى بالمعنى كالإيماء، بخلاف التسمية؛ لأن الذكر يحصل بكل لسان.

ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٩٦] ولم يكن فيها بهذه اللغة،

ــ

[البناية]

ش: أي لغة العرب، كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنا عربي والقرآن عربي ولسان أهل الجنة عربي» ، ذكره السغناقي ثم قال: ذكره - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في معرض الأثر وتفضيل لسان العرب على سائر الألسنة.

م: (وأما الكلام في القراءة فوجه قولهما) ش: أي قول أبي يوسف ومحمد م: (أن القرآن اسم لمنظوم عربي) ش: والعربي اسم لشيء مخصوص بلسان العرب، لأن المعنى لا اختصاص له بلسان دون لسان، فكما كان مخصوصا بلسان العرب، لم تجز القراءة بالفارسي م: (كما نطق به النص) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: ٢] (يوسف: الآية ٢) والمراد بالعربي نظمه م: (إلا أن عند العجز عن القراءة بالعربية يكتفى بالمعنى) ش: للضرورة كيلا يلزم تكليف بالشيء في الوسع، وصار كمن عجز عن الركوع والسجود فإنه جاز له الإيماء.

م: (كالإيماء بخلاف التسمية) ش: عند الذبيحة وهذا في الحقيقة جواب عن إيراد يرد على قوليهما، وهو أن القرآن لما كان اسما لمنظوم عربي كان الأمر يقتضي أن لا تجوز التسمية أيضا عند الذبح بغير العربية، وتقرير الجواب أن المراد بالتسمية الذكر، قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] (الأنعام: الآية ١٢١) فلا يتوقف على العربية.

م: (لأن الذكر يحصل بكل لسان) ش: سواء كان يحسن العربية أو لم يحسن، في قولهم جميعا، وكذلك الشهادة عند الحكام، واللعان والعقود تصح بالإجماع م: (ولأبي حنيفة قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٩٦] [الشعراء: الآية ١٩٦] ولم يكن فيها بهذه اللغة) ش: العربية، فتعين أن يكون بمعناه فيها، والمقروء بالفارسية على سبيل الترجمة يشتمل على معناه، فكان جائزا إلحاقا به.

فإن قلت: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: ٢] (يوسف: الآية ٢) محكم لا يقبل التأويل، وقَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٩٦] [الشعراء: الآية ١٩٦] محتمل لأن بعض المفسرين ذهب إلى أن الضمير للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيف يترك المحكم به؟

قلت: هذا بعيد يفضي إلى التعقيد اللفظي بتفكيك الضمائر في قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ١٩٢] (الشعراء: الآية ١٩٢) والكلام المعجز مصون عن ذلك.

فإن قلت: سلمنا تساويهما في الأحكام لكي يكونا متعارضين، فمن أين تقوم الحجة.

قلت: إعمال الدليلين ولو كان بوجه أولى من إعمال أحدهما، فيحتمل قوله: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٩٦] (الشعراء: الآية ١٩٦) على حالة الصلاة لأنها حالة المناجاة والاشتغال بنظم خاص

<<  <  ج: ص:  >  >>