الطحاوي ": إن شاء قدم ذلك على التسبيح أو أخر، وكذا في شرح الأقطع حيث قال: قال أبو يوسف: يجمع بين هذا وبين هذا وبين قوله: وجهت، يقدم أيهما شاء، وفي " الدراية ": وجعل البداية سبحانك اللهم أولى، وفي رواية: مخير، وفي رواية: يبدأ بأيهما شاء.
قوله: سبحانك، منصوب على المصدرية، سبحان: علم للتسبيح لا ينصرف، ومعناه نسبحك بجميع آلائك ونحمدك سبحانك، والأصل: أسبح سبحان الله، إلا أنه ترك فعله وجعل علما للتسبيح فلم ينون ولم يرفع كغيره من المصادر، والتسبيح تنزيه من صفات النقص.
فإن قلت: لو كان سبحان علما ما أضيف إذ العلم لا يضاف إلى إذا كان مؤولا بواحد.
قلت: إنما يكون علما إذا لم يكن مضافا، أما إذا أضيف فلا، واستعماله مفرد غير مضاف قليل، قوله: وبحمدك سبحت. وعن أبي حنيفة: إذا قال: سبحانك اللهم بحمدك، بحذف الواو فقد أصاب، كذا في " فتاوى الظهيرية ".
قوله: تبارك اسمك. أي تعاظم عن أسماء المخلوقين وصفاتهم، والبركة: الخير الكثير الدائم، قيل: هي مشتقة من برك الماء في الحوض: إذا دام وكثر، ومن بروك الإبل وهو الثبوت والاستمرار، كأنه قال: دام خيرك وكثر وتزايد، قوله: وتعالى جدك؛ أي علا جلالك وعظمتك وعز ملكك وسلطانك، وقيل: غناك. قوله: وجهت وجهي، الموجه إليه محذوف. وقوله: للذي، حال من الياء، وكذا حنيفا، كأنه قيل: أقبلت خاشعا أو منقادا. قوله: فطر؛ أي خلق، والفطر: اتخاذ الشيء واختراعه.
قوله: حنيفا؛ الحنيف: المائل، والمراد: المائل إلى الحق، وقال أبو عبيد: الحنيف من كان على دين إبراهيم. قوله: ونسكي، بضم النون والسين: الطاعة والعبادة وكل ما تقرب به إلى لله تعالى، والنسك بسكون السين ما أمرت به الشريعة. والناسك: العابد، وقد نسك ينسك نسكا مثل نصر ينصر نصرا: إذا دفع، والنسك الذبيحة.
والمحيا والممات مصدران. قوله: وأنا من المسلمين، إنما يقول كذلك لئلا يلزم الكذب، ومن قال: أنا أول المسلمين، قيل: تفسد صلاته للكذب، وقيل: لا تفسد لإرادة ما في القرآن. قوله: لبيك، من التلبية، وهي إجابة المنادي؛ أي إجابتي لك يا رب، وهو مأخوذ من لب بالمكان وألب على كذا: إذا لم يفارقه، ولم يستعمل إلا على لفظ التثنية في معنى التكرير أي إجابة بعد إجابة، وهو منصوب على المصدرية بعامل لا يظهر، كأنك قلت: إلبابا بعد إلباب، والتلبية من لبيك كالتهليل من لا إله إلا الله.
قوله: سعديك؛ أي ساعدت طاعتك. ساعدت بعد، مساعدة وإسعادا بعد إسعاد، وهو