وأحسن أسانيده حديث أبي سعيد، ثم قال: لا نعلم أحدا ولا سمعنا به استعمل هذا الحديث على وجهه، وروى أحمد نحوه وفيه:«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» . وفي إسناده من لم يسم، وروى ابن ماجه وابن خزيمة من حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول:"اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه» .
رواه الحاكم بلفظ:«كان إذا دخل في الصلاة» وعن أنس نحوه، ورواه الدارقطني وفيه الحسين بن علي بن الأسود، وفيه اتصال. وروي عن جبير بن مطعم «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتعوذ قبل القراءة» رواه أحمد.
ومعنى أعوذ بالله: أتوجه وأعتصم به وألجأ إليه، والشيطان اسم لكل متمرد عات لشطوته على الخير؛ أي تباعده، وقيل: لتشيطه؛ أي هلاكه واحتراقه. فعلى الأول النون أصلية والياء والألف زائدة، وعلى الثاني الياء أصلية والنون والألف زائدتان، يمنع الصرف، والرجيم المطرود، وقيل المرجوم بالشهب. قوله: " من همزه " بدل اشتمال من الشيطان وهو جمع همزة وهي ما يوسوس به، قال تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل: ٩٨](المؤمنون: الآية ٩٧) ، وهمزاته خطراته التي يخطرها بقلب الإنسان. وقرأ أبو داود بالمغربة فقال: وهمزه: الموتة بضم الميم وسكون الواو وفتح التاء المثناة من فوق، وهي الجنون. قوله: ونفخه، بالخاء المعجمة: الكبر، كأن قوله للإنسان من الاستكبار والخيلاء فيتعاظم في نفسه كالذي نفخ فيه.
قوله: ونفثه، قال أبو داود: ونفثه الشعر، وإنما سمي به لأنه كالشيء ينفثه للإنسان من فيه كالرقية، قيل: أراد به السحر، وهو الأشبه لما في التنزيل، قال تعالى:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}[الفلق: ٤](الفلق: الآية ٤) .
م:(والأولى: أن يقول: أستعيذ بالله، ليوافق القرآن) ش: لأن المذكور في القرآن: فاستعذ، وهو أمر من الاستعاذة، فإذا قال: أستعيذ، يحصل الموافقة للقرآن، واختلف القراء في صفة الاستعاذة، واختار أبو عمرو وعاصم وابن كثير: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وبه أخذ أصحابنا والشافعي وأكثر أهل العلم، نص الشافعي أنه الأفضل، وزاد حفص من طريق هبيرة: أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم، وهو قول أحمد لكن زاد في آخره أنه هو السميع العليم. واختار نافع وابن عامر والكسائي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم، وهو قول