. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وليس في هذا الحديث ولا في الأحاديث الصحيحة عن أبي هريرة ذكر للتسمية، وهذا فيما يغلب على الظن أنه وهم على أبي هريرة.
فإن قلت: نعيم المجمر ثقة والزيادة من الثقة مقبولة.
قلت: ليس ذلك مجمعا عليه، بل فيه خلاف مشهور، فمن الناس من يقول: زيادة الثقة مطلقا غير مقبولة، ومنهم من يقبلها، والصحيح التفصيل، وهو أنها تقبل في موضع إذا كان راويها ثقة حافظا ثبتا، والذي لم يذكرها مثله أو دونه في الثقة، كما قبل الناس زيادة مالك بن أنس قوله: من المسلمين، في صدقة الفطر، واحتج بها أكثر العلماء، وتقبل في موضع آخر لقرائن تخصها يجزم بصحتها كزيادة مالك، وفي موضع يغلب على الظن صحتها، وفي موضع يجزم بخطئها كزيادة عبد الله بن زياد ذكر البسملة في حديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، وزيادة نعيم المجمر التسمية في هذا الحديث مما يتوقف فيه، بل يغلب على الظن ضعفه، وعلى تقدير صحتها فلا حجة فيها بالجهر لأنه قال: فقرأ أو فقال بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وذلك أعم من قراءتها سرا أو جهرا على من لا يرى قراءتها.
فإن قلت: قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قلت: أراد به أصل الصلاة، ومقاديرها، وهيآتها، والتشبه لا يقتضي أن يكون من كل وجه بل يكفي في غالب الأفعال، وذلك محقق في التكبير وغيره دون البسملة.
وأما الحديث الذي فيه: علمني جبريل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإن إسناده ساقط، وإن خالد بن إلياس مجمع على ضعفه، فعن أحمد: منكر الحديث، وعن ابن معين: ليس بشيء، لا يكتب حديثه. وعن النسائي: متروك الحديث. وعن ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.
وأما حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس فإنه لم يذكر هل كان في فرض أو نفل.
فإن قلت: ذكر الدارقطني حديثين عن ابن عباس أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والثاني: كان يفتتح الصلاة ببسم الله.
قلت: قال الترمذي: إسناده ليس بذاك، والأول لا حجة فيه.
فإن قلت: قال النووي في " صحيح مسلم ": قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أنزلت علي آنفا سورة، فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: ١] » . اه. قال: وهذا تصريح بالجهر خارج الصلاة، فكذا في الصلاة كسائر الآيات.
قلت: هذا الاحتجاج في غاية السقوط فهل يحتج بالقياس مع مخالفة النصوص الصحاح.