للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ويخفونها

ــ

[البناية]

الحديث المذكور: «فإن الإمام يقولها» أي يقول لفظ آمين، ولفظ الحديث: «فإن الإمام يقول آمين» كما نذكره يقطع بتلك الشركة، فصار الإمام والقوم مشتركين في الإتيان بلفظ آمين. ثم إن المالكية حملوا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذا أمن الإمام، على بلوغ موضع التأمين وقالوا: سنة الدعاء تأمين السامع دون الداعي، وآخر الفاتحة دعاء فلا يؤمن الإمام لأنه داع. وقال القاضي أبو الطيب: هذا غلط بل الداعي أولى بالاستيجاب. واستبعد أبو بكر بن العربي تأويلهم لغة وشرعا، وقال: الإمام أحسن الداعين وأولهم وأولاهم. وفي " المعارضة ": قال الإمام مالك: لا يؤمن الإمام في صلاة الجهر. وقال ابن حبيب: يؤمن. وقال ابن كليب: هو ما يختار. وروى الحسن عن أبي حنيفة مثل قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الإمام لا يأتي بها.

وفي " المبسوط ": قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يخفي الإمام آمين، ثم قال: وقد طعنوا فيه، وقالوا: إن مذهب أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الإمام لا يقوله أصلا فكيف يستقيم جوابه: ويخفي به، لكنا نقول: عرف أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن بعض الأئمة لا يأخذون بقوله لحرمة قول علي وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ففرع الجواب على قولهما كما فرع مسائل المزارعة على قول من يرى جوازها.

فإن قلت: إذا كان مذهب أبي حنيفة أن الإمام لا يقول آمين، كما روى عنه الحسن فما جوابه عن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذا أمن الإمام؟

قلت: جوابه أنه إنما سمى الإمام مؤمنا باعتبار المسبب والمسبب يجوز أن يسمى باسم المباشر كما يقال بنى الأمير داره. ثم الحديث الذي في آخره: فإن الإمام يقولها، أخرجه النسائي في "سننه " من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» . ورواه عنه عبد الرزاق في "مصنفه ": أخبرنا معمر عن الزهري، ومن طريقه رواه ابن حبان في "صحيحه " بسنده، والحديث في " الصحيحين " وليس فيه: فإن الإمام يقول: آمين.

م: (ويخفونها) ش: أي يخفي الإمام والقوم جميعا لفظة آمين، وبه قال الشافعي في قوله الجديد، ومالك في رواية. وعند الشافعي يجهر الإمام، وبه قال أحمد وعطاء وداود لما روي عن أبي هريرة أنه قال: «كان إذا أمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمن من خلفه حتى كان في المسجد ضجة» . وفي رواية

<<  <  ج: ص:  >  >>