للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما روينا من حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأنه دعاء فيكون مبناه على الإخفاء،

ــ

[البناية]

وابن معين، وقال ابن القطان في كتابه: بشر بن رافع أبو الأسباط الحارثي، ضعيف، وهو يروي هذا الحديث عن أبي عبد الله ابن [عم] أبي هريرة، وأبو عبد الله هذا لا يعرف له حال ولا روى عنه غير بشر، والحديث لا يصح من أجله فقط بذلك [....

... ] قول الحاكم: على شرط الشيخين، وتحسين الدارقطني إياه.

وأما قولهم: وروي عن بعض أصحابه؛ أي بعض أصحاب الشافعي، فإن الذي رواه هو الشافعي في " الأم " أخبرنا مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عطاء قال: كنت أسمع الأئمة كابن الزبير ومن بعده أه. ومسلم بن خالد شيخ الشافعي ضعيف.

فإن قلت: قال النووي: ذكر البخاري هذا الأثر عن ابن الزبير تعليقا.

قلت: التعليق ليس بحجة. وأما الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي من حديث وائل بن حجر فيعارضه ما رواه الترمذي أيضا عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر بن العنبس عن وائل عن أبيه وقال فيه: «وخفض لها صوته» .

فإن قلت: قال الترمذي: سمعت محمدا يقول: حديث سفيان أصح من حديث شعبة، وأخطأ شعبة في مواضع فقال: عن حجر أبي العنبس، وإنما هو حجر بن العنبس، ويكنى أبا السكن، وزاد فيه علقمة وليس فيه علقمة وإنما هو حجر عن وائل، وقال: خفض بها صوته وإنما هو مد بها صوته.

قلت: تخطئه مثل شعبة خطأ، وكيف وهو أمير المؤمنين في الحديث وقوله حجة هو ابن عنبس وليس بأبي عنبس، وليس هو كما قاله بل هو ابن عنبس، وجزم به ابن حبان في " الثقات "، فقال: كنيته كاسم أبيه. وقول محمد: كونه أبا السكن لا ينافي أن يكون كنيته أيضا أبا عنبس؛ لأنه لا مانع أن يكون لشخص كنيتان المختار، زاد فيه علقمة لا يضر لأن الزيادة كانت من الثقة مقبولة، ولا سيما من قبل شعبة. وقوله: قال وخفض بها صوته وإنما هو ومد بها صوته، يؤيده ما رواه الدارقطني عن وائل بن حجر قال: «صليت مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجمعة حين قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال: آمين، وأخفى صوته» . وحجر بضم الجيم. وعنبس بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الباء الموحدة وفي آخره سين مهملة.

م: (لما روينا من حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) ش: وهو الذي ذكره فيما تقدم عن قريب عند قوله: ويلزمها، وقد مر الكلام فيه مستقصى م: (ولأنه) ش: أي ولأن التأمين أي التلفظ به.

(دعاء فيكون مبناه على الإخفاء) ش: أي الأصل فيه الإخفاء، قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥] (الأعراف: الآية ٥٥) ، وقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «خير الدعاء ما خفي وخير الرزق ما يكفي» ولأن بإخفائها يقع التمييز بين القرآن وغيره، فإنه إذا جهر بها مع الجهر بالفاتحة يلبس أنها

<<  <  ج: ص:  >  >>