للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذا سجد أحدكم فليقل في سجوده: سبحان ربي الأعلى، ثلاثا، وذلك أدناه» أي

ــ

[البناية]

سلمة: لو رفع رأسه وهو لا يشكل على الناظر أنه رفع رأسه، يجوز، ذكرها في " العيون ". وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه إذا رفع رأسه من السجود مقدار ما يمر الريح بينه وبين الأرض جازت صلاته. وروى أبو يوسف عنه إذا رفع مقدار ما سمي به رافعا جاز لوجود الفصل بين السجدتين، قال في " المحيط: وهو الأصح بخلاف الركوع، حيث ترجح بالأكثر، وقيل: إذا أزيلت جبهته عن الأرض ثم عادت جاز، ذكره المرغيناني، وفي " الروضة ": لا يجوز ذلك عندهما.

وفي " جمل النوازل ": يستحب البكاء في السجود لأنه تعالى أثنى بقوله: {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: ٥٨] (مريم: الآية ٥٨) ، ويسن النظر إلى أرنبة الأنف فيه، وفي " فتاوى الظاهرية ": وليس بين السجدتين ذكر مسنون. وعن الحسن بن أبي مطيع أنه يقول: سبحان الله والحمد لله أستغفر الله العظيم. وعند الشافعي: يستحب أن يدعو في جلوسه بين السجدتين لما روى حذيفة أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول بينهما: «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وعافني وارزقني» وفي "تتمتهم": ولا يتعين عليه دعاء، ولكن يستحب أن يدعو كما وردت به السنة.

قلنا: هذا كله وارد في التهجد لا في الفرائض والأمر فيه واسع.

فإن قلت: ما الحكمة في تكرار السجود دون الركوع.

قلت: مذهب الفقهاء أنه تعبد لا يطلب فيه المعنى كعدد الركعات، والسجدة الثانية فرض كالأولى بالإجماع، والجلوس بينهما قدر التسبيح، وأما عند أهل الحكمة فقد اختلفوا فيه فقيل: ترغيما للشيطان؛ فإنه أمر بالسجود فلم يفعل، فنحن نسجد مرتين ترغيما له، وإليه أشار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سجود السهو، وقال: هما سجدتان ترغيما للشيطان، وقيل: الأولى إشارة إلى أنه خلق من الأرض والثانية إشارة إلى أنه يعود إليها، قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: ٥٥] (طه: الآية ٥٥) وقيل: لما أخذ الله الميثاق على ذرية آدم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حيث قال: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} [الأعراف: ١٧٢] (الأعراف: الآية ١٧٢) ، أمرهم بالسجود تصديقا لما قالوا، فسجد الملائكة والمؤمنون كلهم ولم يسجد الكفار، فلما رفعوا رؤوسهم ورأوهم لم يسجدوا، سجدوا ثانيا شكرا لما وفقهم الله تعالى، صار المفروض سجدتين وذلك أدناه، وقد استقصينا الكلام فيه عند ذكر الركوع.

(لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذا سجد أحدكم فليقل في سجوده: سبحان ربي الأعلى، ثلاثا، وذلك أدناه؛» أي

<<  <  ج: ص:  >  >>