والآية ليست في معناه. وفي السفر يقرأ بفاتحة الكتاب وأي سورة شاء؛ لما «روي أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - "قرأ في صلاة الفجر في سفر بالمعوذتين» ؛ ولأن للسفر أثر في إسقاط شطر الصلاة فلأن يؤثر في تخفيف القراءة أولى
ــ
[البناية]
م:(والآية ليست في معناه) ش: أي في معنى ما دون الآية، فإذا كان كذلك لم يجز قياسها م:(وفي السفر يقرأ بفاتحة الكتاب وأي سورة شاء) ش: قدم حكم القراءة في السفر مع أنه من العوارض وهو أليق بالتأخير؛ لأنه مظنة قلة القراءة فكانت له مناسبة للحكم التي قبله وهو قراءة الآية الواحدة، أو؛ لأن أحكام قراءة الحضر كثيرة فأراد أن يدخلها فيها بعد الفراغ من القليل.
م: (لما روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرأ في صلاة الفجر في سفر بالمعوذتين» ش: هذا الحديث رواه أبو داود في "سننه " في فضائل القرآن، والنسائي في الاستعاذة من حديث القاسم مولى معاوية، «عن عقبة بن عامر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: كنت أقود لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ناقته في السفر، فقال لي: "يا عقبة لأعلمك خير سورتين قرئتا فعلمني: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ الناس. قال: فلما نزل لصلاة الصبح صلى بهما صلاة الصبح للناس» . الحديث. والقاسم هو عبد الرحمن القرشي الأموي مولاهم الشامي وثقه ابن معين وتكلم فيه غير واحد قاله المنذري، ورواه ابن حبان في "صحيحه " والحاكم في "مستدركه ".
م:(ولأن للسفر أثر في إسقاط شطر الصلاة فلأن يؤثر في تخفيف القراءة أولى) ش: السفر مظنة التخفيف فأدير الحكم عليه وخففت القراءة، وإن كان المسافر أميا؛ لأن للسفر أثرا في إسقاط الركعتين من الرباعيات للتخفيف، وتأثيره في تخفيف القراءة التي هي جزء من الصلاة أظهر وادعى إلى التخفيف.
قال الأكمل: فإن قيل: هذا التعليل مخالف لما ذكر في طرق أبي حنيفة في مسألة الأرواث في باب الأنجاس حيث استدل هاهنا بوجود التخفيف ثانيا وما ذاك هنا أجيب بالفرق بين الموضعين بأن العمل بتخفيف القراءة عملا بالدلالة؛ لأن كل شيء ظهر تأثيره في الأصل كان ظهور تأثيره في الوصف أولى؛ لكونه تابعا للأصل بخلاف الأدوات فإن الضرورة عملت في وصف التخفيف مدة وكفت مؤنتها بها فلا تعمل ثانية.
قلت: هذا ذكره العتابي وله جواب آخر، وهو أن الحكم يدور مع العلة، لا مع الجملة ألا ترى أنه يباح الفطر في السفر مع الأمن والقرار لوجود العلة، وقيل: في تعليل المصنف نظر؛ لأن السفر ما أثر في إسقاطه على مذهبنا؛ بل صلاة السفر من الأصل وجبت ركعتين؛ لحديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أن الصلاة فرضت ركعتين فأقرت في السفر وزيدت في الحضر» . رواه مسلم.
قلت: زيادته في الحضر أمر تعبدي، وتركه على السفر في ركعتين؛ لأجل التخفيف، وإن كان في الأصل شرع ركعتين قال: الأمر في ذلك مع كل وجه إلى التخفيف.