ومن ستين إلى مائة وبكل ذلك ورد الأثر ووجه التوفيق أنه يقرأ بالراغبين مائة وبالكسالى أربعين، وبالأوساط ما بين خمسين إلى ستين، وقيل: ينظر إلى طول الليالي وقصرها، وإلى كثرة الأشغال وقلتها
ــ
[البناية]
الحضر في الركعتين من أربعين آية إلى ستين: م: (ومن ستين إلى مائة) ش: أي ويروى عن أبي حنيفة أيضا رواها الحسن عنه أنه يقرأ من ستين آية إلى مائة آية م: (وبكل ذلك ورد الأثر) ش: أي بكل ما ذكرنا من المقادير في القراءة في الفجر في السفر والحضر ورد الأثر، ألا ترى أن أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قرأ في الفجر سورة البقرة، فلما قال له عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كادت الشمس تطلع يا خليفة رسول الله، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين، وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قرأ سورة يوسف، فلما انتهى {أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف: ٨٦](يوسف: الآية ٨٦) ، خنقته العبرة فركع، وروي عن أبي سويد أنه قال: خرجنا مع عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حجاجا فصلى بنا الفجر ب {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ}[الفيل: ١] ، {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}[قريش: ١] .
وعن ابن ميمون قال: صلى بنا عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الفجر في السفر فقرأ:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}[الكافرون: ١] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١] ، وعن الأعمش، عن إبراهيم قال: كان أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأون في السفر بالسور القصار.
وعن أبي وائل قال: صلى بنا ابن مسعود في السفر الفجر بآخر بني إسرائيل {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا}[الإسراء: ١١١](الإسراء: الآية ١١١) ، ثم ركع، كذا ذكر ذلك ابن أبي شيبة.
م:(ووجه التوفيق) ش: أي بين الروايات التي رويت، وقد ذكر وجه ذلك بثلاثة أوجه: أحدها: قوله م: (أنه) ش: أي الإمام م: (يقرأ بالراغبين) ش: في سماع طول القراءة والإمام م: (مائة) ش: أي مائة آية أو أكثر؛ لأن الراغبين هم الزهاد والعباد، فلا يثقل عليهم التطويل، ويجمع الإمام في هذا بين التغليس والإسفار.
م:(وبالكسالى) ش: أي ويقرأ بالكسالى، وهو جمع كسلان م:(من أربعين إلى خمسين) ش: أي من أربعين آية إلى خمسين آية، ولا يزيد على هذا؛ لأنه يثقل عليهم، لقلة رغبتهم م:(وبالأوساط) ش: أي ويقرأ بأوساط الناس، وهم لا راغبون ولا كسالى جدا، بل بين هؤلاء وهؤلاء، وهو جمع وسط م:(ما بين خمسين إلى ستين) ش: أي ما بين خمسين آية إلى ستين آية.
م:(وقيل: ينظر إلى طول الليالي وقصرها) ش: وأقصرها ليالي الصيف، ويقرأ فيها أربعين آية. وفي الخريف خمسين آية أو ستين آية م:(وإلى كثرة الأشغال وقلتها) ش: هو الوجه الثالث من وجوه التوفيق، وهو أنه ينظر إلى كثرة أشغال الناس وقلتها؛ لأن التطويل عند الاشتغال الكثير يؤدي إلى ترك السنة، وهاهنا وجوه أخرى.