للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن يقرأ الخطيب قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٥٦] (الأحزاب: الآية ٥٦) فيصلي السامع في نفسه.

واختلفوا في النائي عن المنبر، والأحوط هو السكوت إقامة لفرض الإنصات والله أعلم بالصواب.

ــ

[البناية]

الجواب، كذا لو سلم السائل على إنسان لا يرد الجواب؛ لأن مقصوده المال دون إفشاء السلام ذكره المحبوبي. وقال النووي: قوله: - والإمام يخطب - دليل على أن وجوب الإنصات والنهي عن الكلام إنما هو في حال الخطبة فهذا مذهبنا ومذهب مالك والجمهور. وقال أبو حنيفة: يجب الإنصات بخروج الإمام.

قلت: أخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه " عن علي وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أنهم كانوا يكرهون الصلاة. وفي " الموطأ " عن الزهري قال: خروجه يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام.

م: (إلا أن يقرأ الخطيب قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦] فيصلي السامع في نفسه) ش: هذا استثناء من قوله: وكذلك إن صلى - يعني إذا قرأ الخطيب قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦] (الأحزاب: الآية ٥٦) يصلي السامع في نفسه؛ لأن الخطيب حكى عن الله، وعن ملائكته أنهم يصلون، وحكى أمر الله بذلك وهو قد اشتغل بذلك فكان على القوم أن ينشغلوا.

فإن قلت: توجه عليه أمران: أحدهما {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} [الأحزاب: ٥٦] والأمر الآخر قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] (الأعراف: الآية ٢٠٤) . قال مجاهد: نزلت في الخطبة الاشتغال بأحدهما يفوت الآخر، قلت: إذا صلى في نفسه وأنصت وسكت يكون إيتاء بموجب الأمرين.

فإن قلت: الجمهور على أن الآية نزلت في استماع القراءة في الصلاة.

قلت: الخطبة بآيات من القرآن والخطبة كالصلاة لأنها تقوم مقام الركعتين.

م: (واختلفوا في النائي عن المنبر) ش: أي اختلف المشايخ المتأخرون في البعيد عن المنبر وهو الذي لا يسمع الصوت فعن فضيل بن يحيى يحرك شفتيه ويقرأ القرآن، وعن محمد بن سلمة الأنصاري: الإنصات أولى واختاره المصنف؛ فلذلك قال: (والأحوط هو السكوت إقامة لفرض الانصات والله أعلم بالصواب) ش: وكذا روي عن أبي يوسف وقوله: الأحوط، أفعل التفضيل، وقال المطرزي: قولهم: أحوط. أي أدخل في الاحتياط شاذا أو نظيره أخصر من الاختصار.

قلت: وجه الشذوذ أنه مخالف للقياس؛ لأن القياس أن يقال فيه أشد احتياطا.

<<  <  ج: ص:  >  >>