للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وذكر محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن أهل بلد لو اجتمعوا على ترك الجماعة نضربهم ونقاتلهم، وقال السغناقي: والدليل على أن الجماعة سنة ما روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «صلاة الرجل بجماعة تفضل على صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين درجة» ، وفي رواية: «سبع وعشرين درجة» ولم يقل صلاة الرجل وحده فاسدة، فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتبر الجماعة للفضيلة لا للجواز، إذ دل على أنها سنة إلا أنها مؤكدة؛ لأنها من شعائر الإسلام، ومن خصائص هذا الدين، فإنها لم تكن مشروعة في دين من الأديان، وما كان من شعائر الإسلام فالتمسك فيه الإظهار.

قلت: الحديث الذي ذكره في " الصحيح " ما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة» " وفي لفظ: «تزيد على صلاته وحده سبعا وعشرين درجة» . وأخرجا عن أبي هريرة مرفوعا: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا» ، وفي لفظ: «تفضل صلاة الجمع على صلاة الرجل وحده خمسا وعشرين درجة» .

وأخرج البخاري عن أبي سعيد نحوه، وزاد أبو داود فيه: «فإن صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة» وإسناده جيد. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وفي لفظ آخر للبخاري ومسلم أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا» . وفي رواية لهما: «بخمسة وعشرين جزءا» وفي رواية لمسلم " درجة ".

وأخرج أبو داود، والنسائي، وابن ماجه من حديث أبي بن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما زاد فهو أحب إلى الله» ". وقوله: أفضل يقتضي الاشتراك في الفضل وترجيح أحد الجانبين، وما لا يصح لا فضيلة فيه، ولا يجوز أن يقال: إن أفضل قد تستعمل بمعنى الفاضل؛ لأن ذلك إنما يجوز على سبيل العلة عند الإطلاق، لا عند التفاضل بزيادة عدد، ويؤيد هذا ما جاء في لفظ: «يزيد على صلاته وحده» وفي لفظ: " يضعف " فإن ذلك يقتضي ثبوت صلاة زاد عليها وعدد تضاعف.

والعجب من الشراح لم يتعرضوا إلى الأثر الذي ذكره المصنف هل هو موقوف أو مرفوع، صحيح أو غير صحيح؟ وعلى كل تقدير منه من هو الراوي والمروي عنه. وأعجب من ذلك قول

<<  <  ج: ص:  >  >>