م:(والفاسق؛ لأنه لا يهتم لأمر دينه) ش: فيرد فيه الناس، وفيه تقليل الجماعة، وقال مالك: لا تجوز إمامة الفاسق بلا تأويل كالزاني وشارب الخمر، أما الفاسق بالتأويل كمن يسب السلف الصالح، فعنه فيه روايتان، وعن أحمد: فيه روايتان في جواز الاقتداء به مطلقا أصحهما المنع، وقلنا نحن والشافعي بجواز إمامته؛ لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «صلوا خلف كل بر وفاجر» ؛ ولأن ابن عمر وأنسا وغيرهما من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - والتابعين صلوا خلف الحجاج الجمعة وغيرها مع أنه كان أفسق أهل زمانه.
وروي أن الحجاج كان يخطب يوم الجمعة، فأطال الجمعة حتى كاد يدخل وقت العصر فقام ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وقال: أقصر يا مكار هداك الله، فلما فرغ الحجاج دعا ابن عمر ليقتله وقال: أما تخشى أن الله يسلطني على مالك ودمك فأهريقه، أو على نفسك فأخترمها، فقال ابن عمر: أما يكفيني أني صليت خلف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخلف أبي بكر وعمر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - والآن أصلي خلفك، وأنت من أفسق الناس.
وأما وجه الكراهية فلما قلنا؛ ولهذا قال أصحابنا: لا ينبغي أن يقتدى بالفاسق إلا في الجمعة؛ لأن في سائر الصلوات يجد إماما غيره بخلاف الجمعة، وكان ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يصلي خلف الوليد بن عقبة في صلاة الجمعة وسائر الصلوات، وكان الوليد واليا بالكوفة وكان فاسقا حتى صلى بالناس يوما وهو سكران، كذا في " شرح الإرشاد ". وفي " المحيط ": لو صلى خلف فاسق أو مبتدع يكون محرزا ثواب الجماعة؛ لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «صلوا خلف كل بر وفاجر» .
وأما لا ينال ثواب من صلى خلف التقي، ثم الفاسق إذا كان يؤم، وعجز القوم عن منعه تكلموا فيه، قيل: يقتدى به في صلاة الجمعة، ولا يترك الجمعة بإمامته، أما في غيرها من المكتوبات فلا بأس بأن يتحول إلى مسجد آخر، ولا يصلي خلفه ولا يأثم بذلك، وفي " المجتبى " و" المبسوط ": يكره الاقتداء بصاحب البدعة، وفي " شرح بكر " فأصل الجواب أن من كان من أهل قبلتنا، ولم يعمل بقوله لم يحكم بكفره، وتجوز الصلاة خلفه، وإن كان يكفي حتى يكفر أهلها؛ كالجهمي والقدري الذي قال بخلق القرآن، والرافضي الغالي الذي ينكر خلافة أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والمشبهة لا تجوز، وبه قال أكثر أصحاب الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقال القفال ومن تابعه: يجوز الاقتداء بهم وأنهم لا يكفرون وهو ظاهر مذهب الشافعي كذا في " شرح الوجيز "، وعن أبي يوسف: من اتخذ من هذه الأهواء شيئا فهو صاحب بدعة.
وروى محمد عن أبي حنيفة، وأبي يوسف أن الصلاة خلف أهل الأهواء لا تجوز.
أما الصلاة خلف الشافعي إذا انحرف عن القبلة لا يجوز، أو لم يتوضأ من الخارج من غير