فظن قراء المساند من أشياخ "الهمداني" وأمثالهم "ممن كانوا يحسنون قراءة الحروف والكلمات، إلا أنهم لم يكونوا يفهمون معاني الألفاظ والجمل في الغالب" أن لفظة "بن" تعني هنا "ابن"، فقالوا: إن اسم والد "علهان نهفان" أو "علهان" و"نهفان" على زعمهم إذن هو "بتع". على حين أن الصحيح، أن "بن" هي حرف جر يقابل "من" في عربيتنا، ويكون تفسير النص:"علهان نهفان من بتع وهمدان" و"بتع" اسم قبيلة من القبائل المعروفة المشهورة.
وأما "بتع" فقد ذكرت أن النساخ هم الذين أخطئوا في تدوين الاسم، وأن "الهمداني" وغيره كانوا قد كتبوه "بتعًا"، لا "تبعًا". ولكن النساخ أخطئوا في الكتابة، فكتبوا اسم "بتع""تبعًا" على نحو ما شرحت.
وورد في النص الموسوم بـGlaser ٨٦٥ اسم "علهان نهفان", وقد رأيت نقله هنا؛ لأن في ذلك فائدة في شرح اسم أبيه١. فقد ورد فيه:"علهن نهفن بن همدن بن يرم أيمن ملك سبأ"، أي:"علهان نهفان من همدان ابن يرم أيمن ملك سبأ". فأنت ترى أن لفظة "بن" المكتوبة قبل "همدن"، أي "همدان" هي حرف جر, أما "بن" الثانية المذكوة قبل "يرم أيمن" فإنها بمعنى "ابن"، فصارت الأولى تعني أن "علهان نهفان" هو من قبيلة همدان، وأما أبوه، فهو "يرم أيمن ملك سبأ"، ولعدم وقوف أولئك العلماء على قواعد العربيات الجنوبية، لم يفهموا النص على حقيقته.
وقد ورد اسم "علهان نهفان" في كتابة وسمها العلماء بـGlaser ١٦، وصاحبها رجل من "يدم""آل يدوم" اسمه "هعَّان أشوع"، ذكر أنه قدم هو وأبناؤه إلى الإله "تألب ريمم بعل ترعت" تمثالًا؛ وذلك لخيره ولعافيته ولعافية أولاده، ولأنه أعطاهم كل أمانيهم وطلباتهم، ولأنه خلصهم ونجاهم في كل غزوة غزوها لمساعدة "مراهمو علهن نهفن بن بتع وهمدان"، أي لمساعدة سيدهم وأميرهم: علهان نهفان من "بتع" من قبيلة همدان، وليمنحهم غلة وافرة وأثمارًا كثيرة، وليمنحهم أيضًا رضا أربابهم آل همدان وشعبهم حاشد "حشدم"، وليهلك وليكسر وليصرع كل عدو لهم وشانئ
١ Glaser ٨٦٥, Berlin ٢٦٧٩, CIH ٣١٢, IV, I, IV, P.٣٣٧