للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه الجمل دلالة على أن "شعر أوتر" كان يشارك أباه في لقبه في أيامه، وأنه أسهم معه في إدارة الملك. وأغلب الظن أنه أشركه معه في الحكم لحاجته إليه في تثبيت ملكه في وضع سياسي قلق، إذ كانت الثورات والحروب منتشرة، وكان حكام سبأ وحضرموت وحمير والحبش يخاصم بعضهم بعضًا، فرأى "علهان" إشراك ابنه معه في الحكم وتدريبه على الإدارة, وبقي على ذلك حتى وفاة "علهان" وعندئذٍ صار الملك له وحده، فلقب نفسه بلقب "ملك سبأ".

لقد كان لا بد لـ"علهان نهفان" من السعي في عقد معاهدات ومحالفات مع الحكومات والقبائل؛ لتثبيت الملك الذي ورثه من أبيه، ولا سيما مع الحكومات المناوئة والمنافسة لحكومة "مأرب". ونجد في كتابة همدانية تضرعًا إلى الإله "تألب ريام" ليوفق "علهان نهفان" في مسعاه بالاتفاق مع ملك حضرموت لعقد معاهدة إخاء ومودة، حتى "يتآخيا تآخيًا تامًّا"، وذلك في المفاوضات التي كانت تجري بينهما في موضع "ذت غيل" "ذات غيل"١.

وقد نجحت مفاوضات "علهان" مع ملك حضرموت "يدع أب غيلان" في التآخي معه، وفي عقد معاهدة صداقة بينهما، وأفاد من ذلك فائدة كبيرة، إذ أصبحت هذه المملكة التي تقع في جنوب سبأ وفي جنوب الريدانيين والمتصلة اتصالًا مباشرًا بالحميريين في جانبه، فإذا لم تقم حضرموت بأي عمل حربي ضد أعداء علهان، فإن مجرد وقوفها إلى جانبه يفيده فائدة كبيرة، إذ يفزع ذلك أعداءه، ويضطرهم إلى تخصيص جزء من قواتهم العسكرية للمحافظة على حدودهم مع حضرموت؛ خوفًا من هجومها عليهم عند سنوح الفرص٢.

وكان فرح "علهان" بنجاح مفاوضاته مع ملك حضرموت، واتفاقه معه كبيرًا، وقد نجح فعلًا في عقد ذلك الحلف، فنراه يحارب الحميريين ويهاجمهم، يؤيده في ذلك ملك حضرموت "يدع أب غيلان"؛ لقد هاجمهم من الشمال،


١ اسم الملك "يدع ال" "يدع إيل" في النص الذي نشره يحيى نامي في كتابه: نشر "ص٣٠"، أما في النصوص الأخرى، فكان اسم ملك حضرموت المتحالف مع "علهان" "يدع أب غيلان"، "بذت غليم"، "بذ غليم" "بذت غيل" "بذغيل", Le Museon, ١٩٦٤, ٣-٤, P.٤٦٦
٢ CIH ١٥٥, ٣٠٨, Nami ٧١-٧٣, Beitrage, S. ١١٣, Le Museon, ١٩٦٤, ٣-٤, P.٤٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>