جنده سالمًا، ولم يشرح النص كيف بلغ القائد أرض الحبشة, وهل قصد بأرض الحبشةِ الحبشةَ المعروفة والسواحل الإفريقية المقابلة لبلاد العرب، أم قصد موضعًا آخر في العربية الجنوبية؟ ولكن الذي يقرأ النص ويدقق في جمله ويوفق بين معانيها، يخرج بنتيجة تجعله يرى أن المراد من جملة "على أرض الحبشة إلى جدرت ملك الحبش والأكسوميين"، أرض الحبش في إفريقيا؛ لأن الملك "جدرت" ملك الحبشة وأكسوم لم يكن يقيم في بلاد العرب، ولكن في إفريقيا، فأمر "شعر أوتر" قائده بالسير إلى أرض الحبشة إلى "جدرت"، معناه التوجه إلى إفريقيا لمحاربة النجاشي "جدرت", أما "الحبش" الذين كانوا في بلاد العرب، فقد كانوا تحت حكم "بيجت ولد النجاشي"، فلا يمكن أن تكون الأرض المحتلة هي المقصودة. والظاهر أن القائد المذكور ركب البحر مع جنوده من "الحديدة"، وتوجه منها إلى السواحل الإفريقية فنزل بها، وباغت أهلها بغزو من وجده أمامه، ثم جمع كل ما ظفر به من أموال ومن أناس أسرهم وعاد بهم وبالأموال مسرعًا إلى بلاده، فاشترك في بقية المعارك التي ذكرها في نصه، وفي جملتها محاربة الحبش الذين تحت إمرة "بيجت".
و"معاهر" على ما يظهر حصن "وعلان" في "ردمان", وقد استدل "فون وزمن" من عدم تدوين اسم الملك "شعر أوتر" في نهاية النص ومن ذكر اسم الملك "لحى عثت يرخم""ملك سبأ وذي ريدان" فيه؛ تقربًا إليه وتيمنًا به, على وفاة "شعر أوتر"، وتحكم الملك "لحيعثت" عند تدوين هذه الكتابة١.
وقد انتهت المعارك التي جرت مع الحبش النازلين في السواحل الجنوبية من جزيرة العرب بطردهم عن "ظفار" المدينة التي احتلوها، وصاروا يهاجمون منها جيش "شعر أوتر"، وطردوا من كل أرض "معافر"، ولكنهم ذهبوا إلى "معاهر""معهرتن" حيث بقوا هناك.
ويظهر أن الأحباش ومن انضم إليهم من قبائل باغتوا حكومة "شعر أوتر" بالهجوم عليها من البحر والبر "بن ذبحرم ويبسم", وامتدت رقعة الهجوم من مدينة "نعض" إلى مدينة "ظفار". ويظهر أن "بيجت ولد النجاشي" كان