للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم بعد ذلك في أواخر القرن الأول قبل الميلاد إبان حملة "أوليوس غالوس" على العربية الجنوبية في حوالي السنة "٢٤ق. م."، وعلى ذلك يكون اللقب المذكور قد ظهر في أواخر القرن الأول قبل الميلاد، لا في سنة "١١٥" أو "١٠٩" قبل الميلاد١.

وبناء على هذا الرأي الحديث المتأخر، لا تكون لسنة "١١٥ق. م" أية علاقة بهذا اللقب الجديد، بل لا بد أن تكون لها صلة بحادث مهم آخر كان له وَقْعٌ في تأريخ العربية الجنوبية؛ ولهذا جعل مبدأ لتقويم يُؤَرَّخ به. وقد زعم بعض الباحثين أن ذلك الحادث هو سقوط مملكة معين في أيدي السبئيين وزوال حكم الملوك عنها، وخضوع المعينيين لحكم "ملوك سبأ". ولما كان ذلك من الأمور المهمة في سياسة الحكم في العربية الجنوبية، جُعِلَ مبدأً لتقويم يؤرخ به.

ورأى بعض آخر أن السنة المذكورة، هي سنة انتصار سبأ على "قتبان"، واستيلائها عليها وضمها إلى حكومة سبأ. و"ريدان" قصر ملوك سبأ، ومقر سكنهم وحكمهم. ونظرًا لأهمية هذه السنة اتخذت مبدأ لتأريخ، وبداية لتقويم.

وإذا أخذنا بهذا التفسير المتأخر، وجب علينا إذن ترك هذا الزمان واتخاذ زمان آخر لظهور لقب "ملك سبأ وذي ريدان"، وهو زمان يجب ألا يبعد كثيرًا عن السنة "٣٠ق. م.". ففي هذا الزمن كان حكم "الشرح يحضب" و"شعرم أوتر" على رأي القائلين بهذا الرأي من علماء العربيات الجنوبية.

ويعد تأريخ "سبأ وذو ريدان" من أصعب عهود تأريخ "سبأ" كتابةً، على كثرة ما عثر عليه من كتابات طويلة أو قصيرة تعود إلى هذا العهد٢. ولا نزال في توقع كتابات أخرى نأمل أن تسد من الثغرات والفجوات التي لم تتمكن الكتابات التي وصلت إلينا من سدها، ولا أن تزيل الغموض الذي يحيط بهذا التأريخ.

لقد عثر -كما قلت- على كتابات عديدة دونت في هذا العهد، ومنها ما عثر عليه حديثًا, ولكنها لم تخفف من عنائنا مما نلاقيه من مشكلات عن تأريخ


١ مثل "ملاكر" "Mlaker" و"ريكمنس" وآخرين، Beitrage, S. ١٤٢
٢ Handbuch, I, S. ٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>