للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تكن تملك إذ ذاك قوة بحرية قوية, بحيث تقف أمام الحبش وتمنعهم من الوصول إلى السواحل العربية, مع أن الحبش أنفسهم لم يكونوا يملكون قوة بحرية يعتد بها. ولعل الرومان ساعدوهم في نزولهم في البلاد العربية؛ لأنهم كانوا تحت تأثيرهم, كما صاروا تحت تأثير الروم، أي: البيزنطيين من بعدهم، ولا سيما بعد دخولهم في النصرانية.

ويبدأ عهد "ملوك سبأ وذو ريدان" بالنزاع الذي كان بين "الشرح يحضب" وأخيه "يزل بين" "يأزل بين" ابني "فرعم ينهب" من جهة، وبين "شعرم أوتر" و"يرم أيمن"، وهما ابنا "علهان نهفان" "علهن نهفن" من جهة أخرى. وهو في أصله نزاع قديم له تأريخ سابق ومقدمات ترجع إلى أيام أجداد الطرفين، فالنزاع الذي فتح به عهد "سبأ وذو ريدان"، هو فصل أول من جزء من كتاب هو جزء متمم لكتاب سابق. ولا نريد هنا أن نعيد الحديث عن تلك الخصومة التي شغلت الأجيال الأخيرة من مملكة سبأ.

وحظ "الشرح يحضب" لا بأس به, بالقياس إلى من تقدمه من المكربين أو الملوك، فقد بقي حيًّا في الإسلام، وخلد في كتب الإسلاميين، فذكره "الهمداني" في كتابه "الإكليل"، وسماه "ألى شرح يحضب"، ونسب إليه قصر "غمدان"، وروى له شعرًا زعم أنه قاله، وذكر أن "بلقيس" هي ابنته١. وحكى "ياقوت الحموي" قصة في جملة القصص التي رواها الأخباريون عن بناء قصر "غمدان"، نسبها إلى "ابن الكلبي"، زعم فيها أن باني هذا القصر هو "ليشرح بن يحصب"٢. و"ليشرح بن يحصب" هو "الشرح يحضب", وقد ذكر في صور أخرى، مثل "أبي شرح" و"يحضب شرح"، وهي -ولا شك- من تحريفات النساخ.

ونسب "الطبري" بلقيس إلى "إيليشرح"، فجعلها ابنته٣. أما "حمزة الأصبهاني"، فقد جعلها "بلقيس بنت هداد بن شراحيل"٤, وقد قصد بـ"شراحيل" "الشرح يحضب"، ولا شك، فصيرها حفيدة له.


١ الإكليل "٨/ ١٩ وما بعدها" "٨/ ٢٤".
٢ البلدان "٦/ ٣٠١".
٣ الطبري "١/ ٥٦٦" "طبعة دار المعارف".
٤ حمزة "ص٨٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>