للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى وجودهم في مواضع من السواحل، وإلى تكوينهم مستعمرات فيها تتمون من الساحل الإفريقي المقابل.

وأنا لا أستبعد احتمال اتفاق الرومان مع الحبش يوم أرسلوا حملتهم المعروفة على العربية الجنوبية بقيادة "أوليوس غالوس", وذلك باتفاق عقده حكامهم في مصر وقد كانت خاضعة لهم إذ ذاك مع ممثلي الحبش, يقضي بأن يسهلوا لهم أمر الوصول إلى العربية الجنوبية، ويقدموا لهم المساعدات اللازمة، وأن يتعاونوا جميعًا في الأمور السياسية والاقتصادية، وفي مقابل ذلك يضمن الرومان للحبش مصالحهم في العربية الجنوبية ويقتسمونها فيما بينهم، أو يحافظون على مستعمرات الحبشة فيها.

ويظهر من الكتابات أن الحبش كانوا يغيِّرون سياستهم في العربية تبعًا للأحوال المتغيرة؛ فنراهم مرة مع الحميريين وتارة عليهم، ونجدهم في حلف مع "شعرم أوتر" ثم نراهم في حلف آخر ضده، ونجدهم مرة أخرى على علاقات حسنة بـ"الشرح يحضب" ثم نجدهم على أسوأ حال معه. وهكذا نرى سياستهم قلقة غير مستقرة، كل يوم هي في شأن، وهي بالطبع نتيجة للأحوال القلقة المضطربة التي كانت تتحكم في العربية الجنوبية إذ ذاك، ولمصالح الحبش الذين كانوا يريدون تثبيت أقدامهم في السواحل العربية المقابلة, وتوسيع رقعة ما يملكونه باستمرار.

ويظهر من النص المتقدم أن "بكيل" التي تكون ربع "ذي ريدة" كانت مع الملكين "الشرح" و"يأزل"، و"بكيل" هي عشيرة الملكين، وقد كانت تنزل في أرض "ريدة" إذ ذاك.

وقد رأى بعض الباحثين أن "شمر ذ ريدن" "شمر ذي ريدان" هو "شمر يهرعش"، وأن الذي حارب "الشرح يحضب" وأخاه "يأزل"، هو هذا الملك. ومعنى ذلك أنهم أرجعوا زمان "الشرح يحضب" زهاء "٢٥٠" سنة, إذ جعلوه في أوائل القرن الرابع للميلاد١، وهو رأي يعارضه باحثون آخرون. وقد صيروا "الشرح يحضب" من المعاصرين للملك "امرئ القيس" المذكور


١ BOASOOR., NUM., ١٤٥, ١٩٥٧, P.٧٥

<<  <  ج: ص:  >  >>