للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا يعبدون الأوثان فدعاهم إلى دينه، وقال: إنه دين خير من دينكم, قالوا: فحاكمنا إلى النار. قال: نعم فتحاكموا إليها، وكان معه حبران، فغلب الحبران النار، ونكصت على عقبها، فتهودت حمير، وهدم "تبع" بيت "رئام"، وهو بيت كانوا يعظمونه وينحرون عنده ويكلمون منه، وانتصر عليهم١.

وقد ذكروا أن تبعًا أول من كسا البيت، وأن الرسول نهى عن سبه٢, ورُوِيَ أنه قال: "لا أدري, تبع نبيًّا كان أم غير نبي"٣. ويظهر من هذا القصص المروي عن "تبع" والذي يعود سنده إلى "كعب الأحبار" و"وهب بن منبه" و"عبد الله بن سلام" في الغالب، أنهم قصدوا بـ"تبع" الملك "أسعد أبا كرب" الذي تهود. يؤيد هذا الرأي نص كثير من المفسرين والأخباريين على اسمه، ونسبتهم القصص المذكور إليه٤. وذكر "ابن كثير" أن "أسعد أبو كريب بن ملكيكرب اليماني"، هذا هو "تبع الأوسط" وأنه ملك قومه ثلاثمائة سنة وستًّا وعشرين سنة, ولم يكن في حمير أطول مدة منه، وتوفي قبل مبعث الرسول بنحو من سبعمائة سنة إلى غير ذلك من قصص يرجع سنده إلى المذكورين٥.

هذا وللتبابعة قصص طويل في كتب أهل الأخبار، فيها قصص عن نسبهم، وفيها قصص آخر عن فتوحاتهم وحروبهم، وكلام عن دياناتهم، وحديث عن حكمهم وأحكامهم، تجده مبسوطا مفروشا في صفحات تلك الكتب، تجد فيها بعض التبابعة وقد آمنوا برسالة الرسول ووقفوا على اسمه, وذلك قبل ميلاده بمئات من السنين, وتمنوا لو عاشوا فأدركوا أيامه وذبُّوا عن حياضه. هذا أحدهم وهو التبع "أسعد أبو كرب بن ملكيكرب"، يقول:

شهدت على أحمد أنه ... رسول من الله باري النسم

فلو مدَّ عمري إلى عمره ... لكنت وزيرًا له وابن عم

وجاهدت بالسيف أعداءَهُ ... وفَرَّجْتُ عن صدره كل هم


١ تفسير الطبري "٢٥/ ٧٧".
٢ تفسير الطبري "٢٦/ ٩٧ وما بعدها".
٣ تفسير النيسابوري، حاشية على تفسير الطبري "٢٥/ ٨٦".
٤ تفسير الطبرسي "٢٥/ ٦٦" "طبعة طهران".
٥ تفسير ابن كثير "٤/ ١٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>