للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول. وقد ظهر أجداد أهل اليمن فيها أحسن وأخير من أجداد قريش وأهل مكة، ظهروا فيها مؤمنين موحدين، كسوا البيت الحرام، وكانوا هم أول من كسوه، وعنوا بالبيت إذ عمروه مرارًا، وقدروا مكانته قبل الإسلام بزمان طويل خير تقدير.

وذكر "المسعودي" أن "تبعًا" المعروف بـ"تبع الأول" كان أول من حكم بعد "الهدهاد بن شرحبيل بن عمرو بن الرائش"، وقد ملك -على زعمه- أربعمائة سنة، ثم ملكت بعده بلقيس بنت الهدهاد١. ولم يشر إلى صلة "تبع الأول" بالهدهاد، والظاهر من قوله: "وذكر كثير من الناس أن بلقيس قتلته"٢، أنه كان على رأي أهل الأخبار وأصحاب "كتب التبابعة"٣، مغتصبًا للعرش ليست له بالهدهاد صلة ونسب. فأول من حكم باسم "تبع" على رواية المسعودي هو تبع المذكور.

وكلمة "تبع" لم ترد في نصوص المسند؛ لا بمعنى ملك، ولا بمعنى آخر له علاقة بحكم أو بوظيفة أو بملك. وقد أطلقت تلك النصوص على اختلاف لهجاتها لقب "ملك" على الملوك، أي: على نحو إطلاقنا لها في عربيتنا؛ ولهذا يرى المستشرقون أن كلمة "تبع" هي "بتع" القبيلة التي تحدثت عنها من "همدان", وحرفت الكلمة فصارت "تبع"٤.

وقد كان الحميريون يسيطرون على القسم الجنوبي الغربي من العربية الجنوبية في أيام مؤلف كتاب "الطواف حول البحر الأريتري"، ولا سيما في مدينة "ظفار" وحصنها الشهير المعروف بـ"ريدان"٥، الذي يرمز إلى ملك حمير والذي يحمي العاصمة من غارات الأعداء, وهو بيت الملوك وقصرهم أيضًا٦.

وقد كانت منازل حمير في الأصل إلى الشرق من هذه المنازل التي ذكرها مؤلف الكتاب. كانت تؤلف جزءًا من أرض حكومة قتبان وتتصل بحكومة حضرموت,


١ مروج الذهب "٢/ ٤" "محمد محيي الدين".
٢ المصدر نفسه.
٣ كذلك.
٤ Ency., II, P.٣١١
٥ Beitrage, S. ٣٣
٦ Le Museon, ١٩٦٤, ٣-٤, P.٤٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>