للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي منها سواعدها وأكفها وهي الأبدان، وقد فرض على فارس ألف درع يؤدونها كل عام، وكان عامله عليهم "بلاس بن قباذ"، وجعل على الروم ألف درع يؤدونها كل عام، وكان عامله على الروم "ماهان بن هرقل", وجعل على أهل بابل وعمان والبحرين ألف درع، وعلى أهل اليمن ألف درع. وجعلوا أهل "التبت" من بقايا قوم "شمر يرعش", وذكروا عنه قصصًا أخرى من هذا القبيل١, ولم ينسوا بالطبع حكمه وشعره، فذكروهما٢.

أما علمنا عنه، فيختلف عن علم أهل الأخبار عنه. وقد حصلنا على علمنا عنه من كتابات المسند من أيامه. وهي كلها خرس صامتة، ليس فيها شيء من أخبار تلك الفتوحات المزعومة والحروب الواسعة التي أشعلها "شمر" على زعمهم في جميع أنحاء الأرض، وليس فيها كذلك شيء عن نقل حمير إلى "التبت" وإسكانه لهم في تلك الأرضين البعيدة، وليس فيها شيء ما عن قبر والده بدينور، ولا عن تهديمه لمدينة "سمرقند".

ونستطيع تقسيم كتابات المسند من أيام "شمر يهرعش" إلى قسمين: كتابات من أوائل أيام حكمه، أي: الأيام التي حكم فيها بلقب "ملك سبأ وذي ريدان"، ولم يكن قد استولى بعد على حضرموت ويمنت، وكتابات من العهد الثاني من أيام حكمه، أي: العهد الذي لقب فيه نفسه بلقب "ملك سبأ وذي ريدان ويمنت" حتى وفاته, وانتقال الحكم إلى خليفته في الحكم.

ومن كتابات الدور الأول، الكتابة التي وسمها العلماء بـ Glaser ٥٤٢، وقد سقطت أسطر منها. وهي على جانب كبير من الأهمية بالنسبة إلى من يريد الوقوف على تأريخ التشريع عند الجاهليين, ترينا قانونًا سنه الملك لشعب سبأ، أهل "مأرب" وما والاها، في تنظيم البيوع بالمواشي والرقيق. فحدد المدة التي يعد فيها البيع تمامًا، وهي أمد شهر، والمدة التي يجوز فيها رد المبيع إلى البائع، وهي بين عشرة أيام وعشرين يومًا. كما بين حكم الحيوان الهالك في أثناء المدة التي يحق للمشتري فيها رد ما اشتراه إلى البائع، فحددها بسبعة أيام؛ فإن مضت هذه الأيام، وهلك الحيوان في حوزة المشتري وجب عليه دفع الثمن كاملًا إلى


١ التيجان "ص٢٤٠"، الإكليل "٢١١".
٢ التيجان "٢٢٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>