للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبر "ناشر النعم" وفرقوا رخامه وزجاجه وما كان فيه من جذع وغيره، غضب غضبًا شديدًا ونذر لله نذرًا: "ليرفعن ذلك القبر بجماجم الرجال حتى يعود جبلًا منيفًا شامخًا كما كان". ثم سار بجيوشه وبأهل جزيرة العرب، فسار إلى أرمينية، فبلغ ذلك قباذ، فأمر الترك بالمسير إلى أرمينية، فسارت الترك تريد أرمينية فقاتلهم قتالا شديدا، ثم هزمهم فقتلهم قتلًا ذريعًا، ثم سار نحو المشرق فتغلب على قباذ، واستولى على الفرس، وأعاد بناء قبر أبيه. ثم هدم المدائن بدِينَوَرَ و"سنجار" بين نهاوند ودينور "فجميع الأرض التي خربها شمر يهرعش، سماها بنو فارس شمر كند، أي: شمر خرّب باللسان الفارسي، فأعربته العرب بلسانها، فقالوا: "سمرقند"، وهو اسمها اليوم"١، ثم بسط سلطانه على الهند، وعين أحد أبناء ملوك الهند ملكًا على الصين، ثم عاد فسار إلى مصر، ومنها إلى الحبشة، فاستولى عليها، وهرب الأحباش إلى غربي الأرض إلى البحر المحيط، فتبعهم "شمر" حتى بلغ البحر، ثم رجع قافلًا إلى المشرق، فمر بمدينة "شداد بن عاد" على البحر، فأقام بها خمسة أحوال. ثم ذهب لزيارة قبر والده، ثم رجع إلى بلاده إلى "قصر غمدان"، فأقام فيه إلى أن توفي وعمره ألف سنة وستون عامًا، بعد أن ملك الأرض كلها٢. وزعم بعض أهل الأخبار أنه هو الذي بنى الحيرة بالعراق٣.

وزعم "حمزة" أن والد "شمر" هو "إفريقيس"، وذكره على هذا النحو: "يرعش أبو كرب بن إفريقيس بن أبرهة بن الرايش، وإنما سمي يرعش لارتعاش كان به". وذكر أن رواة أخبار اليمن تفرط في وصف آثاره، ثم ذكر بعض ما ذكروه عنه، وذكر أن بعض الرواة يزعمون أنه كان في زمان "كشتاسب"، وأن بعضًا آخر يزعم أنه كان قبله، وأن "رستم بن دستان" قتله، وجعل ملكه سبعًا وثلاثين سنةً٤.

وقال الأخباريون: إن "شمر يرعش" هو أول ملك أمر بصنعة الدروع المفاضة


١ التيجان "ص٢٢٧"، ابن خلدون "٢/ ٥٢"، البلدان "٥/ ١٢٢".
٢ التيجان "ص٢٢٢ وما بعدها".
٣ صبح الأعشى "٥/ ٢٢"، "كان رجلًا من حمير, سار بالجيوش حتى حير الحيرة, ثم إلى سمرقند فهدمها"، تفسير الطبري "٢٥/ ٧٧".
٤ حمزة "ص٨٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>