للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقًّا وصحيحًا، فإن قوله هذا يكون أقدم مورد جاء فيه خبر إيقاع "سابور" بإياد١.

وفي خبر "المسعودي" وَهْمٌ وتسرعٌ؛ فإن الذي حارب إياد وأنزل بهم خسائر فادحة، لم يكن "سابور ذا الأكتاف"، بل كان "كسرى أنو شروان"، أو "كسرى بن هرمز"، وإن "كسرى" هذا أرسل جيشًا ضدهم، وضعه بقيادة "مالك بن حارثة" ومعه قوم من "بكر بن وائل" فأرسل عندئذ "لقيط" إليهم إنذاره فلم يحفلوا به، فوقعت بهم خسائر كبيرة في "الحرجية"، وفر قسم كبير منهم إلى بلاد الشأم٢.

وينسب بعض الرواة الشعر المذكور إلى "عمرو بن جدي"، ويرجع جماعة من الرواة أيام "لقيط بن معمر" إلى أيام "كسرى أنو شروان" "الأول". وفي القولين دلالة على أن الأبيات الشعرية التحذيرية لا يمكن أن تكون قد أرسلت في أيام "سابور" المذكور، بل في أيام ملك آخر حكم بعده بسنين٣.

وفي رواية أخرى أن "سابور" سار في البلاد حتى أتى بلاد البحرين، وفيها يومئذ بنو تميم، فأمعن في قتلهم, ففر من قدر منهم على الفرار، فأراد اللحاق بهم، ولكن "عمرو بن تميم بن مر" وهو سيد تميم يومئذ، وكان قد بلغ ما بلغ، تحدث إليه حديثًا لطيفًا أقنعه بالكف عمن بقي، فتركهم وشأنهم٤.

ويظهر من روايات أهل الأخبار أن السبب الذي دعا بـ"سابور" إلى الفتك بالعرب، هو أن القبائل العربية كانت قد توغلت في جنوب إيران، وصار لها سلطان كبير هناك، وتزايد عددها، ثم صارت تتدخل في الأمور الداخلية للدولة الساسانية. فلما أخذ الأمور بيديه، بدأ يضرب هذه القبائل؛ للقضاء على سلطانها ثم قطع البحر، فورد "الخط"، فقتل من بلاد البحرين خلقًا كبيرًا، وأفشى القتل في "هَجَر"، وكان بها ناس من أعراب تميم وبكر بن وائل وعبد القيس، ثم عطف على بلاد عبد القيس فأباد أهلها، إلا من هرب منهم فلحق


١ ENCY., VOL., ٤, P.٣١٥
٢ ENCY., II, P.٥٦٥
٣ DIE ARABER, III, S. III
٤ مروج الذهب "١/ ٢١٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>