للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب بذلك السبب الفرصة من الانتقام من "سابور" وما كان من قتله العرب، واجتمع في عسكر "لليانوس" من العرب مائة ألف وسبعون ألف مقاتل، فوجههم مع رجل من بطارقة الروم بعثه على مقدمته، يسمى "يوسانوس". أما من بقي في عسكر "لليانوس" من العرب، فقد سألوه أن يأذن لهم في محاربة "سابور"، فأجابهم إلى ما سألوه، فزحفوا إلى "سابور" فقاتلوه، ففضُّوا جمعه، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وهرب "سابور" فيمن بقي من جنده، واحتوى "لليانوس" على مدينة "طيسفون" محلة سابور. وظفر ببيوت أموال سابور وخزائنه فيها"١. عندئذ استنجد سابور بقواده فلما وصل إليه العون، استخلص طيسفون، ثم تصالح بعد مقتل "لليانوس" مع "يوسانوس" الذي انتخبه الجيش ملكًا على أثر قتل "لليانوس".٢

وقصد "الطبري" بـ"لليانوس" الإمبراطور "جوليان" "بوليان" Julian، فقد تقدم هذا بجيوشه سنة "٣٦٣م"، نحو الدولة الساسانية فاكتسح حدودها، وهرب الفرس من أمامه، حتى بلغت جيوشه "طيسفون" عاصمة الساسانيين، إلا أنه لم يلحق ضربة شديدة قاصمة بـ"سابور"، بل ترك عاصمته، وتراجع حيث لاقى مصيره في المعركة في أثناء رجوعه إلى بلاده, فانتخب "يوسانوس", وهو"جوفيان" Jovian في لغة الروم، خلفًا له٣.

وقد ورد في بعض الروايات أن "لليانوس" "يوليان" Julian قيصر الروم، كان متعجرفًا متغطرسًا فلما كلف جماعة من العرب Saracen أن ينضموا إلى جيشه، لمحاربة الفرس، وافقوا على ذلك وحاربوا معه، إلا أنهم لما طالبوه بعطاياهم وبهدايا، أجابهم جوابًا غليظًا: "الإمبراطور الشجاع المقدام عنده الحديد، لا الذهب"، فتركوه وانقلبوا عليه، وألحقوا به خسائر كبيرة٤.

ويذكر المؤرخ "أميانوس مرسيللينوس" Ammianus Marcellinus: أن "يوليان" Julian لما بلغ "الفرات" ليلحق بالأسطول الذي بناه في هذا النهر


١ الطبري "٢/ ٦٨"، اليعقوبي "١/ ١٣١".
٢ الطبري "٢/ ٦٨ وما بعدها".
٣ SYKES, HISTORY OF PERSIA, I, P.٤٢٢
٤ SYKES, HISTORY OF PERSIA, I, P.٤١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>