للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٣

ولا ندري من حل في محل الصفويين فأخذ مواطنهم، ولم اختفت كتاباتهم بعد عهدهم هذا؟ هل كان الذين أخذوا مكانهم أميين لا يقرأون ولا يكتبون فكانت أيامهم صمًّا بكمًا؟ الذين أخذوا مكانهم هم أعراب مثلهم، كانوا أقوى منهم، لذلك تغلبوا عليهم على وفق سنة البادية. هذا جواب لا شك فيه. ولكننا لا نستطيع تحديد هوية أولئك الأعراب وتعيين أسماء قبائلهم، كما أننا لا نستطيع التحدث عن سبب سكوتهم وعدم ترك آثار كتابية لهم تتحدث عن أيامهم وعن قبورهم وأصدقائهم وما شاكل ذلك من أمور إلى زمن مجيء الإسلام، إن الغساسنة، هم آخر من نعرف أنهم كانوا في هذه الأرضين، وفيما جاورها وكذلك قبائل عربية أخرى مثل لخم وكلب، ولكننا لا نعرف أنهم تركوا كتابات تتحدث عنهم.

وبين أسماء الأشخاص المدونة في النصوص الصفوية أسماء تشبه أسماء أهل مكة والعرب الشماليين شبهًا كبيرًا، ويحملنا هذا على تصور أن ثقافة الصفويين عربية شمالية. ونجد هذا التشابه في أمور ثقافية أخرى، سأتحدث عنها في الأماكن المناسبة.

ومن الأسماء الواردة في النصوص الصفوية: "قصيو"، أي "قصي". وقد ورد اسم "قصيو بن كلبو"، أي "قصي بن كلاب" في أحد النصوص، وكان من رجال الدين. وورد "قصيو بن روحو" أي "قصي بن روح". و"قصيو بن اذينت"، أي "قصي بن أذينة"١.

ويرى بعض المستشرقين أن الصفويين هم مثل سائر القبائل العربية الشمالية هاجروا من جزيرة العرب إلى الشمال، فسكنوا في منطقة "الصفاة"، غير أنهم لم يكونوا قد اندمجوا في أثناء تدوينهم كتاباتهم بالثقافة السامية الشمالية كما اندمج غيرهم مثل النبط، بل كانوا لا يزالون محافظين على صلاتهم بالجزيرة ولا سيما بالعربية الجنوبية منها موطنهم القديم، وتعبر عن هذه الصلة بعض الخصائص اللغوية التي ترجع على رأيهم إلى أصل عربي جنوبي، غير أنهم تأثروا بالطبع بمن اختلطوا بهم وبمن تجاوروا معهم من الساميين الشماليين أو العرب الشماليين، ويظهر أثر هذا الاختلاط على رأيهم أيضًا في الأسماء والكلمات والتعابير الخاصة التي نقرأها في هذه النصوص٢.


١ رنيه ديسو، العرب في سوريا، "ص ١١٦".
٢ Handbuch, S. ٤٨ Ff, Rene Dussaud, Les Arabes En Syrie Avant L'Islam, E. Littmann. Gotting. Gelberte Angeiger, ١٩٠٨, S. ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>