للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد زارها نفر من السياح وكتبوا عنها، كما نبشت بعض البعثات الآثارية آثارها، وعالجت مديرية الآثار القديمة في العراق بعض نواح من تأريخها، وقد توصل الحفارون إلى العثور على نقوش من الجبس مما تكسى به الجدر للزينة، وعلى جرار متعددة وآثار من هذا القبيل صغيرة بعضها من العهد الجاهلي وبعضها من العهد الإسلامي١. غير أنهم لم يعثروا حتى الآن على كتابات جاهلية تتحدث عن تأريخ تلك المدينة القديمة السيئة الحظ.

وتأريخ هذه المدينة قبل الميلاد غامض لا نكاد نعرف من أمره شيئًا، فلم يرد خبرها في نص تأريخي مدون أو كتابة مدونة قبل الميلاد، وأقدم ذكر لها هو ما أشرت إليه، غير أن ذلك لا يتخذ دليلًا على أنها لم تكن مولودة قبل هذا العهد، إذ يجوز أنها كانت قبل هذا العهد قرية صغيرة، أو مدينة تسمى باسم غير هذا الاسم، ولعل المستقبل سيكشف عن تأريخها القديم بالسماح لبطن الأرض بإخراج ما في جوفها من أسرار عن ذلك التأريخ.

أما الأخباريون، فيرجعون عهدها إلى أيام "بختنصر". هم يقولون: إن "برخيا" لما قدم من "نجران" وأخبر "بختنصر" بما أوحى الله إليه، وقص عليه ما أمره به من غزو العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم ولا أبواب، وأن يطأ بلادهم بالجنود فيقتل مقاتلتهم ويستبيح أموالهم، وأعلمه كفرهم به، واتخاذهم آلهة دون الله، وتكذيبهم الرسل والأنبياء، وثب "بختنصر" على من كان في بلاده من تجار العرب، وكانوا يقدمون عليه بالتجارات والبياعات، ويمتارون من عندهم الحب والتمر والثياب وغيرها، فجمع من ظفر به منهم، فبنى لهم حيرا على النجف وحصنه ثم ضمهم فيه، ووكل بهم حرسًا وحفظة، ثم نادى في الناس بالغزو، فتأهبوا لذلك، وانتشر الخبر فيمن يليهم من العرب فخرجت إليه طوائف منهم سالمين مستأمنين. فاستشار "بختنصر" فيهم "برخيا"، فقال: إن خروجهم إليك من بلادهم قبل نهوضك إليهم رجوع منهم عما كانوا عليه، فأقبل منهم، فأحسن إليهم، فأنزلهم "بختنصر" السواد على شاطئ الفرات، فابتنوا موضع عسكرهم بعد،


١ D. Talbot Rice, The Oxford Excavation At Hira, In Ars. Islamica, Vol, I, Part, I, MCM, XXXIV, P. ٥١.
Ann Arbar University Press, Journal Of The Royal Central Aaian Society, Vol, XIX, April, ١٩٣٢, P. ٢٥٤, Vol, Sept, ١٩٣٢, P. ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>